نجح الدوري الألماني لكرة القدم في خطوته الاولى بعد توقف النشاط منتصف اذار بسبب تفشي فيروس كورونا، لكنه استأنف منافساته امام مدرجات فارغة ووسط اجراءات صحية صارمة.
ويبقى هذا النجاح مرهونا بالاستمرارية في اول بطولة اوروبية كبرى تعاود نشاطها.
كان الصمت مطبقا لدى اعطاء اشارة انطلاق مباراة دربي منطقة الرور الصناعية بين بوروسيا دورتموند وجاره شالكه (4-صفر) الى جانب خمس مباريات اخرى اقيمت السبت ضمن المرحلة السادسة والعشرين، في خطوة انتظرها مشجعون تواقون للعبة وإن بعيدا من المدرجات، وبطولات أخرى تبحث عن الاكتساب من التجربة الألمانية لرسم خريطتها للعودة.
واصبحت البوندسليغا أول بطولة كبرى في أوروبا تستأنف منافساتها المعلقة منذ منتصف آذار بسبب “كوفيد-19″، لكن أمام مدرجات دون جمهور، ووفق بروتوكول صحي صارم سيغيّر بشكل جذري المظاهر المحيطة باللعبة على المستطيل الأخضر، مثل منع المصافحات والاحتفالات بصيغتها المعهودة لدى تسجيل الأهداف.
ومنحت حكومة المستشارة أنغيلا ميركل ومسؤولو المقاطعات الألمانية الـ16، رابطة الدوري المحلي الاذن باستئناف مباريات الدرجتين الأولى والثانية لكن بشرط الالتزام بموجبات صحية قاسية تشمل مختلف جوانب حياة أفراد الأندية من التمارين الى المباريات وتصرفهم خارج الملعب.
وسبق المباريات الست في الدرجة الاولى، اقامة أربع مباريات في منافسات الدرجة الثانية من دون جمهور، وقد شهد لقاء ساندهاوزن وارتسغيبيرغي أو، طرد لاعب الاول دينيس ديكماير بعد اربع دقائق فقط متسببا بركلة جزاء.
وطلبت شرطة دورتموند من المشجعين البقاء في منازلهم، وعدم التجمع في محيط الملعب.
وعلق الرئيس التنفيذي لدورتموند هانز-يواكيم فاتسكه على عودة المنافسات بعد توقف لعشرة أسابيع “كان شيئا خياليا: في آخر ساعتين قبل المباراة، تتلقى رسائل قصيرة من مختلف انحاء العالم، اشخاص يقولون لك انهم سيشاهدون المباراة على التلفزيون، ثم تقطع المدينة في السيارة من دون حدوث أي شيء. يجب ان نعتاد على ذلك”.
وعكست وسائل الاعلام الألمانية السبت الترقب وأسئلة العودة.
وكتبت صحيفة “بيلد” على صفحتها الأولى “الانطلاق مجددا… وأخيرا”، بينما رأت مجلة “كيكر” ان هذه الانطلاقة “تحيط بها الأسئلة”.
وسألت “در شبيغل”، “هل يرغب المشجعون فعلا بكرة القدم طالما أن الأجواء ستغيب عن الملاعب؟”.
وعلى غير عادته، افتقد ملعب “سيغنال إيدونا بارك” التابع لدورتموند، صخب نحو 80 ألف مشجع كانت تغص بهم مدرجاته لاسيما “الجدار الأصفر” الجنوبي، خصوصا في مباراة من هذا النوع.
أما بطل المواسم السبعة الماضية بايرن ميونيخ، فيحل ضيفا على أونيون برلين في العاصمة الأحد.
ووضعت الرابطة بروتوكولا صحيا صارما من 50 صفحة، بهدف الحد قد الامكان من احتمال التقاط إصابات بـ”كوفيد-19″ في صفوف الأندية، ما قد يؤثر بشكل سلبي على رغبتها في إنهاء المراحل التسع المتبقية من منافسات الدرجة الأولى، بحلول نهاية حزيران المقبل.
وأمضت الأندية الألمانية الأسبوع الذي يسبق عودة المنافسات، في معسكرات تدريبية مغلقة، بما يضمن بالتالي وضعها في عزل صحي عن محيطها وعائلات اللاعبين الذين سيخضعون، كما بقية أفراد الفرق، لفحوص دورية لكشف “كوفيد-19”.
ومن ضمن الاجراءات التي اعتمدت خلال المباريات، وصول كل فريق على متن أكثر من حافلة من أجل ضمان التباعد الاجتماعي بين أفراده على متن وسائل النقل.
ودخل اللاعبون الى أرض الملعب مع الحفاظ على التباعد أيضا، وطلب منهم عدم التعانق والاحتفال بصخب لدى تسجيل الأهداف. كما غطى معظم الموجودين على مقاعد البدلاء، من مدربين وجهاز فني ولاعبين احتياطيين، وجوههم بالكمامات الواقية.
وتم تقسيم الملاعب الى ثلاث مناطق منفصلة عن بعضها البعض، على ان يتواجد 100 شخص في كل منها كحد أقصى. وتم إلغاء المؤتمرات الصحافية التي يجريها مدرب كل فريق عادة بعد المباراة، والغاء المنطقة المختلطة للاعبين.
وفي إشارة الى النية الصارمة في تطبيق هذا البروتوكول الصحي، منعت رابطة الدوري مدربَين من التواجد مع فريقيهما خلال المباريات في عطلة نهاية الأسبوع، لمخالفتهما قواعد الحجر الصحي في الأيام الماضية.
وغاب مدرب أوغسبورغ هايكو هيرليخ عن مباراة فريقه ضد فولفسبورغ بسبب خروجه من فندق إقامته لشراء معجون للأسنان وكريم للبشرة، بينما سيغيب مدرب أونيون برلين السويسري أورس فيشر عن استضافة بايرن ميونيخ الأحد بعدما ترك أيضا مقر إقامة الفريق إثر وفاة والد زوجته.
وسبق لنادي هرتا برلين ان عاقب لاعبه العاجي سالومون كالو لقيامه بمصافحة زملائه اللاعبين.
وكانت ميركل قد أكدت لدى إعلان منحها الضوء الأخضر لعودة البوندسليغا، أن البروتوكول الصحي الصارم وتطبيقه بحذافيره، هو الشرط الأساس للعودة.
وأكد الرئيس التنفيذي لنادي بايرن ميونيخ كارل-هاينتس رومينيغه ان كل اللاعبين “يدركون ان عليهم احترام القوانين”.
وتسبب “كوفيد-19” بنحو 8 الاف وفاة معلنة في ألمانيا، وهو رقم متدن نسبيا مقارنة بدول أوروبية كبرى أخرى لاسيما إسبانيا وإنكلترا وإيطاليا وفرنسا.
وسترسم ألمانيا مسار اختبار العودة بالنسبة الى الآخرين. باستثناء فرنسا التي وضعت حدا بشكل مبكر لموسمها الكروي مع تتويج باريس سان جرمان باللقب، لا تزال الدول الكبرى الأخرى تبحث عن تحديد موعد رسمي لاستئناف المنافسات، على رغم ان هذه الخطوة دونها عراقيل وصعوبات لاسيما في إيطاليا وإنكلترا حيث لم يتم الاتفاق بعد على البروتوكول الصحي، والذي يعد شرطا أساسيا لأي عودة سالمة.
ويتوقع ان تستقطب مباريات الدوري الألماني في الوقت الراهن اهتماما أكبر من المعتاد، إن من المسؤولين في بطولات أخرى تبحث عن اجتراح سبل العودة، أو من المشجعين الذين يفتقدون منذ شهرين لمباريات كرة قدم حماسية من آسيا الى الأميركيتين.
حتى لاعبي الدوري الألماني أنفسهم اشتاقوا للمنافسة، بحسب مهاجم بايرن توماس مولر الذي كتب عبر حسابه على موقع “لينكد إن”، “المشاعر التي أظهرناها خلال الأيام القليلة الماضية حتى خلال المباريات التدريبية، تعكس توقنا لخوض المنافسة المعتادة”.
لكن بالنسبة الى المدربين والجهاز الفني، ستكون العودة مؤشرا للقدرة البدنية للاعبيهم الذين غابوا عن المنافسات والتمارين المكثفة فترة طويلة.
وقال مدرب بايرن هانزي فليك الجمعة “لا ندري ما اذا كان باستطاعة الفريق الصمود لمدة 90 دقيقة. لقد تدربنا جيدا (…) لكن صراحة لا ندري أين نحن (من ناحية الجاهزية البدنية)”.