عقدت اللجنة المركزية لحركة “فتح” اجتماعا لها، الليلة، برئاسة الرئيس محمود عباس، وذلك في مقر الرئاسة بمدينة رام الله.
وفي بداية الاجتماع استمعت اللجنة المركزية لكلمة لسيادة الرئيس حيث قال:
نبدأ اجتماعنا بقراءة الفاتحة على أرواح إخواننا الذين فقدناهم خلال الفترة الماضية والشهداء الذين أصيبوا نتيجة فيروس “كورونا”.
مع الأسف الشديد فقدنا العديد من إخوتنا وأخواتنا بسبب فيروس كورونا سواء ذلك داخل الوطن أو خارجه، حيث ينتشر الفلسطينيون في كل مكان في العالم.
هناك اكثر من 1200 فلسطيني مصاب حول العالم، وهذه المصيبة هي عالمية ندعو الله أن ننتهي منها بالقريب العاجل. فقدنا خارج فلسطين أكثر من 65 اخاً واختاً، من المقيمين في أمريكا وباقي دول العالم. إننا نحرص على الفلسطيني أينما كان ونتمنى الشفاء العاجل لكل المصابين بالوطن في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، وفي مختلف دول العالم.
عندما شعرنا بهذه الغمة التي أتت من خلال كورونا بدأنا نتخذ إجراءات ومواقف، وكنا لا نعلم ما هو هذا الوباء، وبدأنا إجراءاتنا بإعلان الطوارئ ومن ثم منع الاجتماعات، ومن ثم إقفال المدارس والجامعات وللأسف إقفال الجوامع والكنائس، ومنع صلاة الجماعة وصلاة الجمعة والتروايح لأنها كلها اجتماعات تؤدي إلى انتشار الفيروس، والله حريص على حياة الإنسان أكثر من أي شيء آخر.
هذه الإجراءات شارك فيها كل اطياف المجتمع الفلسطيني، الحاضرون هنا الاجهزة الامنية، الطواقم الطبية، مؤسسات القطاع الخاص، والاعلام، والتنظيم، وباقي التنظيمات، والمتطوعين دون أجر، كل هؤلاء لهم التقدير والاحترام، الأمر الذي يدل على حيوية هذا الشعب وإحساسه بالمسؤولية.
الكل قام بدوره وجهده، وأنا فخور بأننا ننتمي لهذا الشعب العظيم الذي أسهم بتخفيف المصاب والإصابات، وحماية الناس من المرض، ونحن لا نملك الإمكانيات، ولكن قمنا بالاحتياطات اللازمة، وقررنا ما دام هذا الفيروس يؤدي إلى الإصابات وسببه التجمعات واللقاءات الموسعة ووسائل النقل العام، ونحن نجحنا، وكانت الإصابات أخف بكثير مما لدى الآخرين، لذلك سنستمر بهذه الإجراءات رغم صعوبة ذلك على حياتنا، عندما يتعطل الاقتصاد وتقفل الجامعات والجوامع فهذا صعب جدا، ولا أحد يعرف إلى متى سيستمر ذلك.
نحن من واجبنا أن نحمي شعبنا بهذه الطريقة، ونحن مستعدون لاتباع أي طرق تحمي شعبنا، ونحن قمنا بالوقاية والابتعاد عن المرض.
في الماضي لم تكن لدينا إمكانيات للفحص أو اللباس الخاص، ولكن مصانعنا بدأت بالعمل على إنتاج المواد الطبية والمستلزمات مما يبعث فينا الفخر بهذه الجهود. ولا ننسى التكافل الاجتماعي المبهر الذي حصل في المدن والقرى الفلسطينية، قرية صغيرة تجمع ما لديها من مواد تموينية وترسلها لقرية أخرى، كل الناس تمارس التكافل من أجل الحيلولة دون حاجة الناس.
عندما بدأت الكارثة كانت في بيت لحم، وكنا نمد يد العون لهم، قامت المدن الأخرى كقلقيلية والخليل وغيرها بإرسال المساعدات.
نحن ما عملناه، أننا أرسلنا للأمين العام للأمم المتحدة، نرجوه أن يتصرف بخصوص جائحة كورونا، وطلب فعلا من الدول وللآن لم يتفقوا على أن يتجمعوا أو يجمّعوا كل جهودهم من أجل البحث عن الدواء، لأنه إذا لم نجد الدواء، فهذه مصيبة، إلى متى سيبقى؟ وهذا فيروس منتشر في كل مكان.
مع ذلك، نحن كشعب صغير وتحت الاحتلال، وليس لنا موارد، لكن استطعنا أن ندبّر أمرنا بتأمين ما يلزم أو الحد الأدنى مما يلزم من أجل الفحوصات والحماية والرعاية وغير ذلك، والحمد لله أمورنا إلى الآن تسير بشكل جيد.
اليوم أصدرنا مرسوما بتجديد حالة الطوارئ، لأن الوضع لا يزال صعبا، وفي حال عدم وجود حالة طوارئ، ستحدث اجتماعات واحتكاكات، ما يؤدي لنقل الفيروس بين الناس، ومن ثم مصيبتنا ستكون كبيرة”. علما أننا إلى الآن لم نجد حلا للعمال الذين يأتون من إسرائيل، عمالنا الذين يعملون في إسرائيل، هؤلاء لا يوجد رعاية لهم هناك ولا يوجد فحوصات ولا يوجد حماية، يأتون حاملين هذا المرض. ويكفي واحد أن يدخل إلى بلد، فيصيب البلد كلها بهذا المرض.
هذه النقطة هي نقطة ضعفنا الوحيدة، يعني لو استطعنا أن نتغلب عليها، وإن شاء الله سنتغلب عليها في المستقبل، أعتقد أنه بإمكاننا أن نحمي هذا الجزء من العالم، الذي هو بلدنا. وهناك كما نعرف أكثر من مدينة وأكثر من محافظة خالية من الفيروس، ولكن المحافظات التي لها احتكاكات مع العمال وغيرهم، للأسف، يصلها الفيروس بين الفينة والأخرى.
نريد أن تكون إرادتنا قوية حتى أولا: يبعد هذا المرض عنّا، وإن شاء الله يجدون له دواءً، وفي هذه الحالة يكون هناك أمل كبير أن يقضى على هذا المرض، وإلا يجب أن نوطن النفس على أن المدة ستكون طويلة. ولكن، إذا كان في الإمكان تخفيف الاجراءات بما يضمن سلامة المواطنين فاننا قمنا وسنقوم بذلك. لا نريد أن نقسو على شعبنا ولكن نريد أن نحمي شعبنا بكل الوسائل من أجل أن لا ينتشر هذا المرض اللعين.
النقطة الثانية، ونحن في هذا الخضم، ونحن في هذه المأساة، أيضا كنا طيلة الفترة نتعامل مع صفقة العصر ومع ما اعلنته اسرائيل عن مخططات للضم بشكل رسمي من ضم لمنطقة الأغوار والبحر الميت والمستوطنات والحرم الإبراهيمي.
وهنا اقول امامكم انه في حال بدات الحكومة الاسرائيلية هذا الضم سواء في الحرم الإبراهيمي أو في المستوطنات أو في غور الأردن، نعتبر أنفسنا في حل من كل الاتفاقات الموقعة بيننا وبينهم ومع الإدارة الأميركية، لأنها هي التي جاءت بصفقة العصر، وهم الذين أوحوا للإسرائيليين بمسألة الضم، وهم الذين دفعوهم إلى هذه المسألة، ولا يقولوا لنا أن ليس لهم علاقة وأن إسرائيل هي التي تتخذ القرارات.
الصفقة صدرت عن أميركا، صفقة العصر، وتحدثوا فيها أكثر من مرة، كل المسؤولين بمن فيهم وزير الخارجية وغيره، أن هذه الصفقة ستطبق. نحن لن ننتظر التطبيق. مجرد أن أعلن عن هذا، فنحن سنكون في حل من كل الاتفاقات التي وقعت والتي التزمنا بها كلها دون استثناء. وهذا الأمر سيعود إليكم لتقرروا، أنتم أخواننا في المركزية وفي التنفيذية، تؤكدون على هذا، تقررون هذا الكلام، من أجل أن نعمل على تنفيذ هذا القرار.
أنا هذا رأيي، أطرحه عليكم، حتى أسمع رأيكم في هذا الموضوع. كيف يمكن أن نعمل؟ وما هي تداعيات هذا الأمر وغيره، كلها سنبحثها إن شاء الله في الجلسة هذه، وجلسة الغد مع التنفيذية.
نقطة أخيرة، نحن مقبلون على الخامس عشر من أيار وهو يوم النكبة، أو مرور 72 عاما على نكبة الشعب الفلسطيني، هذه الذكرى سنتحدث فيها ونقوم بما نقوم به، ولكن أريد أن أشير إلى نقطة واحدة وهي عدد اللاجئين الذي أبعدوا عام 1948.
إن عدد اللاجئين الذين شردوا من بيوتهم وهنا أقول إن اللاجئ ليس من أخرج من وطنه، بل اللاجئ هو من أخرج من بيته، 950 ألف لاجئ وأنا أذكر عندما ذهبنا إلى كامب ديفيد لنبحث، كان عند الإسرائيليين مقولة إن عدد اللاجئين 250 ألف أغلبهم ماتوا وسنرى فيما بعد كيف إذا نعطي تعويضا إن أمكن.
لا، العدد الرسمي المسجل لدى الأمم المتحدة 950 ألف، أنا قرأت قبل كم يوم في إحدى وسائل الإعلام 800 ألف و850 ألف، لا فهم 950 ألف. واللاجئ تعريفه هو الانسان الذي يطرد من بيته إلى بيت آخر، وبالتالي من أخرج من يافا إلى رام الله هو لاجئ أو خرج من عسقلان إلى غزة هو لاجئ. لا يعني فقط من خرج من الوطن. من بقي في الوطن وبقي لاجئ. والدليل على ذلك أن كلهم موجودون ومحسوبون على أساس أنهم لاجئون. إذا اللاجئ هو من أخرج من بيته وليس من أخرج من وطنه.
وأشادت اللجنة المركزية، بدعوة السيد الرئيس محمود عباس، لاطراف المجتمع الدولي والأمم المتحدة، بما فيها مجلس الأمن، إلى تحّمل مسؤولياتهم لضمان نفاذ القانون الدولي و قرارات الشرعية الدولية ، والضغط على إسرائيل لوقف مخططاتها لضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، باعتبار ذلك يدمر ما تبقى من فرص ضئيلة لتحقيق حلّ الدولتين، وتحقيق السلام العادل والدائم.
وأكدت مركزية فتح دعمها الكامل لموقف السيد الرئيس الذي اعلن عنه في كلمته امام قمة دول عدم الانحياز، بأنه إذا أقدمت دولة الاحتلال على خطوة ضم أي جزء من الاراضي الفلسطينية المحتلة، فسنكون في حلٍّ من جميع الالتزامات والاتفاقيات والتفاهمات معها ومع الإدارة الاميركية.
وجدد اعضاء اللجنة المركزية، التأكيد على ما جاء في كلمة سيادته، بأن تجربة وباء “كورونا” كانت أقسى على فلسطين من غيرها ولا زالت، بسبب ممارسات الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصلُ نشاطاته الاستيطانية في أرضنا، ويستمر في احتجاز آلاف الأسرى ويعرضهم جميعا للخطر، ويمنعنا من رعاية وحماية أهلنا في مدينة القدس الشرقية المحتلة.
وتطرقت اللجنة المركزية لعدة قضايا من أبرزها:
الوضع السياسي: ناقشت اللجنة المركزية الاوضاع السياسية الخطيرة التي تمر بها القضية الفلسطينية، والتهديدات الإسرائيلية المستمرة بتنفيذ ما يسمى بخطط وخرائط الضم الإسرائيلية الأمريكية للأراضي الفلسطينية سواء في الاغوار او في اية منطقة فلسطينية اخرى، مؤكدة ان هذه الخطة الإسرائيلية الأمريكية التي تحظى بدعم الادارة الامريكية التي تصر على مخالفة قرارات الشرعية الدولية بشكل غير مسبوق، في حال تنفيذها ستدمر أي فرصة ضئيلة لتحقيق السلام العادل والشامل القائم على قرارات الشرعية الدولية.
واشارت مركزية فتح، إلى ان الخطوة الاسرائيلية إن تمت، فان فلسطين ستكون في حل من أي التزام او اتفاقيات مشتركة، وستكون هناك خطوات فلسطينية لتحميل الاحتلال مسؤولياته كاملة عن إنهاء العملية السياسية برمتها، وحفظ الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية.
وحذرت اللجنة المركزية، من إصرار إسرائيل على الاستمرار بسياسة الاستيطان والقتل والتدمير والاعتقالات والاقتحامات للمدن والمقدسات وعلى رأسها المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي التي لن تجلب الأمن والاستقرار لأحد، وأن السلام العادل والشامل يتطلب قبول قرارات الشرعية الدولية لحل القضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967.
واستمعت اللجنة المركزية إلى تقرير مفصل من عضو اللجنة المركزية رئيس الوزراء محمد اشتية حول استراتيجية مواجهة وباء “كورونا” وما اتخذ من إجراءات لمواجهة ذلك.
واكدت اللجنة المركزية أن الرئيس محمود عباس كان سباقاً في إدراك المخاطر وإعلانه حالة الطوارئ بقرار شجاع وحكيم، الأمر الذي أدى إلى انخفاض كبير في معدلات الإصابة رغم شحّ الإمكانيات، مشيدة بالوعي والالتزام الكبير الذي ابداه المواطن الفلسطيني بما تم اتخاذه من إجراءات من قبل السيد الرئيس والحكومة الفلسطينية لتكون فلسطين قادرة على الانتصار على الوباء العالمي، الامر الذي جعل دولة فلسطين سباقة في هذا المجال.
ووجهت اللجنة المركزية لحركة فتح، التحية والتقدير للجهود الكبيرة التي تقوم بها الحكومة الفلسطينية والأجهزة الطبية والأمنية والإعلامية وأصحاب المبادرات والقطاع الخاص والأطر التنظيمية والشبيبة والفصائل لمواجهة جائحة فايروس كورونا الذي يهدد العالم أجمع.
ودعت اللجنة المركزية، أبناء شعبنا في هذا الشهر الفضيل إلى تجسيد أسمى آيات التكافل الاجتماعي، وحشد الإمكانيات الشعبية لمساعدة الفقراء لتأكيد تعاضد أبناء مجتمعنا ووقوفهم مع بعضهم كالبنيان المرصوص في توادٍ ورحمة، ويجب أن يكون ذلك أيضا بالتنسيق مع مكونات لجان الطوارئ.
ودعت اللجنة المركزية، إلى إطلاق سراح ابطالنا الاسرى من سجون الاحتلال، محملة حكومةَ الاحتلالِ الإسرائيليِ المسؤوليةَ الكاملةَ عنْ حياتِهم وسلامتِهم.
وقالت اللجنة المركزية، نوجه التحية لابطالنا الأسرى في سجون الاحتلال، وأن قضيتهم ستبقى دائما على رأس أولويات القيادة الفلسطينية، ولن يكون هنالك سلام ولا استقرار دون الإفراج عن كامل أسرانا، وأن حقوقهم خط أحمر لن يقبل المساس به إطلاقا مهما كانت الضغوطات.
وفي هذا السياق أدانت اللجنة المركزية اعتقال الاحتلال الإسرائيلي أمين عام المؤتمر الشعبي في القدس اللواء بلال النتشة.
وناقشت اللجنة المركزية خلال اجتماعها عددا من القضايا الداخلية الخاصة بالحركة.
كما أكدت اللجنة المركزية أن وحدة الموقف الفلسطيني رئيساً وقيادة وشعباً في مواجهة صفقة ترامب ووباء كورونا هو الذي أفشل كل المؤامرات وعزز قدرة شعبنا على الصمود ومواجهة التحديات.
وفي هذا الإطار نحيي صمود شعبنا في القدس المحتلة عاصمة دولة فلسطين، وتؤكد على دعمنا لموقف الرئيس الداعي لإنهاء الانقسام من أجل رفع المعاناة عن شعبنا في قطاع غزة.
وفي هذا الصدد، رحب السيد الرئيس واللجنة المركزية برسالة الأخ المناضل أحمد سعدات، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والتي دعا فيها للحوار.
وقدمت اللجنة المركزية التهنئة لشعبنا الفلسطيني بحلول شهر رمضان الكريم، أعاده الله علينا وقد تحررت القدس عاصمة دولتنا الأبدية، ونال شعبنا الفلسطيني حريته واستقلاله وسادته على ترابه الوطني.
ــ