ترجمة خاصة – صوت الشباب 18-5-2020 نشر السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل، دانييل شابيرو، مقالة عبر صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” الصادرة بالإنجليزية، سلط فيها الضوء على معارضة الحزب الديمقراطي القوية لخطط الضم الإسرائيلية لأجزاء واسعة من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، وقال إن صعود جو بايدن المحتمل لسدة الحكم نهاية العام يشكل معضلة كبيرة لمناصري صفقة القرن. وقد استكشف شابيرو بعض السيناريوهات والعواقب المحتملة لخطط الضم وسط المعارضة القوية من قبل الديمقراطيين الأمريكيين والدول العربية، شملت تعطيل الاتفاقات بين إسرائيل والدول العربية مثل مصر والأردن.
إن موقف الديمقراطيين من الضم يشكل معضلة لإسرائيل، ليس فقط لأن جو بايدن قد يجلس قريبًا في البيت الأبيض، ولكن لأن معارضة حزبه للخطوات الأحادية متجذرة في دعم الحزبين لإسرائيل. لقد تعهد بنيامين نتنياهو خلال حملته الانتخابية الأخيرة بأنه سيضم غور الأردن وجميع المستوطنات إلى السيادة الإسرائيلية. وقد اعتمد نتنياهو في هذا التعهد على إدارة ترامب التي أشارت إلى دعمها لمثل هذه الخطوة عندما أعلنت عن خطتها الإسرائيلية – الفلسطينية في يناير المنصرم. ولكن في ذات الوقت، تواجه إسرائيل وضعًا غير اعتيادي في علاقتها مع الولايات المتحدة، والتي طالما سعت إلى الحفاظ عليها على أساس دعم الحزبين. في الحقيقة، إن جميع الديمقراطيين الأمريكيين المنتخبين، والمرشح الرئاسي الديمقراطي المفترض، نائب الرئيس السابق جو بايدن، يعارضون الضم من جانب واحد. وقد قال بايدن في مقطع فيديو في مؤتمر “إيباك” في مارس/آذار “أعتقد أن على إسرائيل أن تتوقف عن تهديدات الضم والنشاط الاستيطاني”.
لذا فإن المعضلة التي تواجهها الحكومة الإسرائيلية هي ما إذا كانت ستتبع سياسة مفضلة يدعمها الرئيس الأمريكي الحالي، ولكن يعارضها بشكل صريح المنافس وحزب المعارضة، بما في ذلك العديد من أعضائه الذين لديهم سجلات قوية في دعم إسرائيل. ولكن، لماذا تتخذ إسرائيل إجراءً يضر بمصداقية هؤلاء الديمقراطيين الملتزمين بمواصلة دعم حزبهم التقليدي لإسرائيل؟ أحد أسباب ذلك هو الرغبة في المضي قدمًا في الضم، واغتنام الفرصة السانحة التي يقدمها ترامب. ولذلك، تعتقد الحكومة الإسرائيلية أن لديها حافزًا لتنفيذ الضم قبل نوفمبر/تشرين الثاني، أي قبل احتمالية مجيء جو بايدن كرئيس للولايات المتحدة. لقد أثار معارضو الضم من جانب واحد، ومن بينهم ديمقراطيين، مخاوف جدية بشأن تداعيات مثل هذه الخطوة. هؤلاء يقترحون أن الضم سيؤدي إلى زعزعة استقرار اتفاقات السلام الإسرائيلية مع الأردن ومصر، وتعطيل علاقات إسرائيل مع الدول العربية الأخرى، وتقويض القوى الفلسطينية البراغماتية، وتمكين الحركة الإسلامية المتشددة حماس. في الواقع، إذا ضمت إسرائيل من جانب واحد حوالي 30 في المائة من الضفة الغربية، فقد يؤدي ذلك إلى تآكل التعاون الأمني مع السلطة الفلسطينية، وحتى إلى انهيارها، وعودة الجيش الإسرائيلي إلى المدن الفلسطينية.
لكن جوهر حجة الديمقراطيين يكمن في كيفية تقويض المصلحة الإستراتيجية للولايات المتحدة في الحفاظ على العلاقة الوثيقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل كشراكة مبنية على القيم إذا تعرضت الشخصية اليهودية أو الديمقراطية الإسرائيلية للخطر. قال بايدن في مقطع الفيديو الخاص به في مؤتمر إيباك “لنكون صريحين، فإن التهديدات بالضم تبعد إسرائيل عن قيمها الديمقراطية، وتقوض الدعم لإسرائيل. خاصة بين الشباب عند كلا الحزبين السياسيين”. وبالطبع، هنالك استطلاع أجراه مركز بيو في أبريل 2019 يدعم حجة بايدن؛ حيث كان لدى الديمقراطيين والجمهوريين الشباب وجهات نظر مؤيدة أقل بشكل ملحوظ للحكومة الإسرائيلية من الشعب الإسرائيلي.
قد يجادل بعض الإسرائيليين بأن الحزب الديمقراطي لم يعد داعمًا بشكل كاف لإسرائيل ليكون عاملاً في صنع القرار الإسرائيلي. وفقًا لهذه النظرية، كانت الخلافات بين إسرائيل وإدارة أوباما بشأن الاتفاق النووي الإيراني وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 بمثابة تحول جذري. كما وكانت الانتقادات القاسية لإسرائيل من قبل عضوين حديثين في الكونغرس، النائبان إلهان عمر ورشيدة طالب، والقوة التي يديرها السناتور بيرني ساندرز في حملته الرئاسية، تعتبر بمثابة تأكيد إضافي للتغيير في الحزب. يقال أن إدارة بايدن ستكون بالضرورة أسيرة لهذه القوى في الحزب، وبالتالي، يجب على إسرائيل المضي في الضم على الفور. لكن هذا هراء. لأن فوز بايدن يثبت العكس. في حين تم سماع بعض الأصوات الأكثر انتقادًا لإسرائيل في الحزب الديمقراطي، فاز بايدن بالترشيح بينما كان يعبر عن روابطه الشخصية العميقة مع إسرائيل وتعهد بمواصلة دعم أمنها والدفاع عنها من أي شكل من أشكال نزع الشرعية، بما في ذلك حركة “BDS“. اختار الناخبون الديمقراطيون الأساسيون المرشح الذي وصف وضع شروط لمساعدة الولايات المتحدة لإسرائيل بأنه “شائن” و “خطأ جسيم”. لذلك قد يتساءل المرء، لماذا تتخذ إسرائيل إجراءً يضر بمصداقية هؤلاء الديمقراطيين الملتزمين بمواصلة دعم حزبهم التقليدي لإسرائيل؟
يظل دعم حل الدولتين على أساس خطوط 1967 مع تبادل الأراضي المتفق عليه سياسة توافقية داخل الحزب الديمقراطي، على الرغم من أن هذه النتيجة تبدو أقل قابلية للتطبيق بسبب الركود السياسي بين الطرفين، والرفض الفلسطيني، وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية. وبالمثل، هناك شبه إجماع بين الديمقراطيين على أن خطة ترامب للسلام، التي تتصور “دولة” فلسطينية بدون وحدة أراضي، أو جدوى اقتصادية، أو تحقيق التطلعات الفلسطينية في القدس الشرقية، يمكن أن تكون الضربة النهائية لحل الدولتين الذي يحتضر”.
قد يقود هذا الواقع أعضاء آخرين في القيادة الإسرائيلية، ولا سيما غانتس ووزير الخارجية القادم غابي أشكنازي، إلى إثارة المخاطر التي قد يشكلها الضم من جانب واحد. بالإضافة إلى الأعباء الأمنية وردود الفعل الفلسطينية والإقليمية والدولية السلبية، فقد يعبرون عن المخاطر التي تهدد العلاقات الأمريكية الإسرائيلية وعلاقات إسرائيل مع الجالية اليهودية الأمريكية، حيث لا يزال دعم الدولتين والمعارضة الضم هما السائدان.