الدفاع المدني خارطة طريق نحو السلامة المجتمعية والمفهوم الشامل للحماية المدنية

13 ديسمبر 2020آخر تحديث :
الدفاع المدني خارطة طريق نحو السلامة المجتمعية والمفهوم الشامل للحماية المدنية

اللواء نصار: معدل زمن الاستجابة 12 دقيقة و”الفزعات” تعرقل عمل الطواقم الميدانية وكورونا فرضت تحديات جديدة

صوت الشباب 13-12-2020 المجتمعات والدول تحتاج لمنظومة متكاملة من المؤسسات والاجهزة التي تكفل لها ادارة شؤون حياتها على أكمل وجه، وفي غمرة الاهتمام والعمل تحظى المؤسسات الواقعة في وجه التعامل اليومي مع الجمهور بالتركيز الاهتمام والحضور على أكثر من صعيد، وفي المقابل هناك عشرات المؤسسات التي لها أهمية استراتيجية تكون في الظل، ولكن في الازمات والتحديات والكوارث تكون هي التي يعول عليها الناس لحماية أرواحهم وممتلكاتهم والعبور بهم الى بر الامان، ومن بين تلك المؤسسات مؤسسة الدفاع المدني، مؤسسة تطور نفسها بهدوء، وتستعد لتكون جاهزة لأسوأ الظروف لحماية المواطن ومؤسساته من مختلف المخاطر.

في هذه اللقاء نطرق بوابة الدفاع المدني الفلسطيني، لنتعرف على واحدة من أهم المؤسسات والاجهزة التي نشعر بالامان إن كانت هي بخير، مؤسسة تعمل بهدوء ولكن فعلها وحضورها ذو صوت عظيم، معلومات مهمة يشاركنا بها اللواء يوسف نصار/ مدير عام الدفاع المدني، من خلال جولة رافق بها “الحياة الجديدة” للاطلاع على عمل الجهاز، حيث قمنا بزيارة غرفة العمليات المركزية وهي مركز القيادة والسيطرة الذي منه تدار كافة عمليات استجابة طواقم الدفاع المدني التي تعتمد على مجموعة من نظم الاتصالات الحديثة كبرامج تتبع المركبات والربط الالكتروني بين المحافظات والاتصال بتقنيات الفيديو كونفرنس، وجمع البيانات الميدانية عبر تقرير مباشرة واصدارها على شكل معلومات مبوبة ومعنونة لمتخذي القرار، مع اصدار الاحصائيات في اعداد الضحايا والخسائر التي تسجلها واسباب الحوادث التي نتجت عنها، الى جانب زيارة ادارة السلامة والوقاية، وهي الادارة المسؤولة عن تطبيق اللوائح التنفيذية القانونية التي تطبق على المباني والقطاعات الاقتصادية المختلفة وفق درجة الخطورة وطبيعة اشغال المبنى ويعمل في هذه الادارة أكثر من ١٢٠ مهندسا باختصاصات مختلفة من اجل تطبيق القانون لتوفير البيئة الامنة للمباني قبل اشغالها من حيث ثلاثة جوانب، انظمة الاطفاء بأنواعها. أنظمة الانذار المبكر، وأنظمة إخلاء المباني لحالات الضرورة. وتربط مع مجموعة من الشركاء على رأسهم الحكم المحلي والبلديات ونقابة المهندسين، كما تعمل مع المواصفات والمقاييس الفلسطينية والهيئة العامة للبترول على تنظيم قطاع  قطاع مهم وهو محطات الوقود والغاز.

الدفاع المدني.. المفهوم الشامل للحماية المدنية

الدفاع المدني ليس مجرد نشاط أو مجرد مساعدة عند الضرورة، بل هو مؤسسة مهنية متخصصة وذات مهام متنوعة على المستويين المباشر والاستراتيجي، لكن البعض لا يعرف نطاق هذا الدور على أبعاده المتنوعة، وفي هذا الاطار يقول اللواء يوسف نصار: “الدفاع المدني هو المفهوم الشامل للحماية المدنية، التي ترصد المخاطر وتقيمها وتضع خطط للوقاية والاستجابة والتعافي منها، من خلال نظام استجابة فعال بمعدات متطورة ومهنية بقيادة طواقم مؤهلة ومدربة، والعمل على بناء قدرة الفرد والمؤسسات والمجتمع من اجل الوقاية كأسلوب حياة لتقليل درجات المخاطر واعداد الحوادث وما ينتج عنها من ضحايا او خسائر مادية”.

ويتابع: “يمكن القول إن الدفاع المدني هو مركز للجهود الوطنية في مواجهة الكوارث والازمات  ويقوم بأدوار محددة، كإخماد الحرائق وعمليات الانقاذ المختلفة وتطبيق اجراءات السلامة والوقاية في مختلف القطاعات، كما يقدم للمواطنين بمختلف فئاتهم دورات تدريبية لكيفية التعامل مع الحوادث للوقاية منها ويرفع درجة الاستعداد لدى المؤسسات المختلفة لتقييم المخاطر التي تواجهها”.

14600 حادث اطفاء وحالة انقاذ خلال عام 2020

التحضير للطوارئ والأحداث الصعبة، مهمة يختص بها الدفاع المدني، فالعمل في الظروف الطبيعية صعب والعمل والتجهيز في ظروف الازمات يكون أشد صعوبة وتزداد التحديات في اطار خصوصية الظروف في الاراضي الفلسطينية، وفي هذا الاطار يوضح اللواء نصار: “تعتبر مهنة الدفاع المدني واحدة من أخطر المهن، فهي تتطلب يقظة وتدريبًا شاقًّا ومستمرًّا ودرجة عالية من المسؤولية تجاه من يطلب النجدة، ووفقًا لهذا الاعتبار يتم تدريب منتسبي الدفاع المدني وتأهيلهم ورفع درجات الحرص والمسؤولية لديهم وبناء شخصيتهم ليكونوا سندًا وعونًا لأبناء مجتمعهم، كما تعمل طواقم الإطفاء والإنقاذ ضمن ادارة عمليات مركزية من أجل متابعة احتياجاتهم كإسنادهم بطواقم اضافية أو معدات واحتياجات لوجستية وعمليات محلية وتنسيق ميداني مع مجموعة من الشركاء على رأسهم قوى الامن الذين يعملون في حالات الاغاثة والتأهب المختلفة”.

ويضيف نصار: “للوصول الى هذه النتيجة، فقد عقدت عشرات السيناريوهات الافتراضية التدريبية  لمزيد من محاكاة للواقع والتنبؤ بالاحتمال الاصعب، وفي ظل العمل في ظروف صعبة  نشير هنا الى ان طواقمنا تعاملت في عام 2019 مع ما يقارب 19500 حادث اطفاء وانقاذ نتج عن حوادث الحرائق التي تسببت بوفاة 6 حالات، خمسة منهم من الاطفال، واصابة 134 مواطنا في هذه الحوادث، كما نفذت طواقم السلامة العامة ما يزيد على 56 الف زيارة تفقدية والسماح بإشغال 30 الف منشاة وفحص 7000 مصعد”.

ويقول نصار: “هناك انخفاض في عداد الحوادث لعام 2020 فقد تعاملت الطواقم مع 14600 حادث اطفاء وانقاذ ونفذت الطواقم ما يزيد على 2500 حملة تعقيم شاملة، الى جانب تنفيذ نحو 37 الف جولة ميدانية على المنشآت التجارية والاقتصادية المختلفة، كما نتج عن حوادث الحرائق خلال هذا العام ثلاث حالات وفاة جميعهم من الاطفال”.

 استمرار مهام ودور الدفاع المدني.. من أسباب تعزيز الصمود في وجه الجائحة

مهام الدفاع المدني لا تتوقف، وخلال جائحة كورونا تضاعفت التحديات أمام الافراد والمؤسسات، وفي القلب من الازمة كان للدفاع المدني الفلسطيني حضوره ودوره المستمر، لكن ما هي أهم التحديات التي واجهها الدفاع المدني خلال الجائحة؟ وكيف أثرت أزمة كورونا على دور الدفاع المدني على المديين القصير والاستراتيجي؟ يجيب اللواء نصار بقوله: “تمثلت استراتيجيتنا خلال الجائحة بالتعامل بعيد النظر مع التحديات وتحويلها الى فرص لتطوير القدرات وسبل الاستجابة الفعالة للحفاظ على الدور الاستراتيجي للدفاع في أصعب الظروف، وفي هذا الاطار واجهنا العديد من التحديات ومن أهمها أن هذه الجائحة مستجدة أمام العالم في العصر الحديث، وهذا يتطلب درجة عالية من الاطلاع على الاجراءات التي اتخذتها الدول لمواجهة هذه الازمة، وفهم الخصوصية في فلسطين في ظل ما يفرضه الاحتلال من واقع صعب، كتنقل المواطنين بين المدن وتنقل العمال بين المدن والمعابر وغيرها من التعقيدات التي فرضت على الدفاع المدني وغيره من الشركاء القيام بالدور المطلوب لمنع انتشار الفيروس”.

“اضافة لذلك هناك تحديات مرتبطة بالجاهزية الفنية واللوجستية وجهوزية الطواقم سواء بالملابس الوقائية او امتلاك المعدات التي تساهم بتنفيذ مهام الدفاع المدني والحفاظ على سلامة واستمرارية فرق الدفاع والمتعلقة بعمليات التعقيم الواسعة واحتمالية اصابة منتسبينا بهذا الفيروس نتيجة العمل في المناطق المصنفة، وكذلك التحدي المرتبط بالتعامل مع هذا الخطر الوبائي ومسألة الوعي والمعرفة بكيفية الاصابة به وانتقاله وتفشي العدوى خاصة في المرحلة الاولى حينما كان هناك شح معلوماتي بشكل عام، ولذلك تم إدراج هذا الخطر ضمن برنامج توعوي تشارك فيه ادارة العلاقات العامة لتوعية المواطنين بمخاطر تفشي فيروس كورونا، ولعل التحدي الابرز تمثل بكيفية الحفاظ على السلامة العامة وضمان استمرارية قيام الدفاع المدني بدوره الفعال والمتوقع بالجودة والتوقيت المناسب، وتقديم خدمات الانقاذ والاطفاء في ظل الاغلاقات والاجراءات الاحترازية التي تتخذها الحكومة لمنع تفشي الفيروس” يقول نصار.

الجائحة دفعت الفرق لتطوير وتعديل آلياتها ومركباتها

الانتصار على التحديات يولد منه نجاحات ودروس وعبر يستفاد منها في المستقبل، وفي هذا الاطار يوضح اللواء نصار تجربة الدفاع المدني في التعامل مع الجائحة وتداعياتها على عمليات الدفاع المدني بقوله: “قيام الدفاع المدني بمهامه خلال الجائحة تميز بالتخطيط والجاهزية والمرونة، لأن الجائحة ليست كالاحداث الاعتيادية التي تقع في صميم عمل الدفاع المدني، فجميع الخطط التي عمل الدفاع المدني على وضعها وتنفيذها مع اختلاف المخاطر ساهمت بشكل اساسي على الحفاظ على أداء المؤسسة وبشكل يتكامل مع الجهود الوطنية لمواجهة تفشي فيروس كورونا، وأكسبت الدفاع المدني تجربة جديدة لكيفية التعامل مع مخاطر مركبة (كاستجابة الطواقم لحريق منزل قد يكون سكانه مصابين بالفيروس) هذا يستدعي الاطلاع على الخارطة الوبائية ومعرفة المناطق المصنفة بالمناطق الخضراء والحمراء والصفراء وفق تصنيف وزارة الصحة”.

ويتابع نصار: “من نقاط القوة ان الطواقم الهندسية العاملة في الدفاع المدني، عملت على تطوير مركبات الدفاع بنماذج مختلفة، ووصل عدد المركبات المعدلة 39 مركبة ساهمت بحماية الطواقم من الاقتراب من الاماكن المصنفة وتقليل الجهد والكلفة المادية وفاعلية عمليات التعقيم، حيث تمكنا بمركبة من تعقيم  25 كم من الطرقات والاحياء في المدن والقرى والمخيمات والمؤسسات ومنازل المصابين”.

غرف عمليات مركزية للإسناد وتقديم الخدمات عن بعد

العمل عن بعد وتقديم الخدمات باستخدام تقنيات الانترنت كانت من أبرز الظواهر التي انتشرت للتغلب على صعوبات التنقل والتواصل، فهل كان للدفاع المدني مبادرات على صعيد تقديم خدمات عن بعد؟ وهل تتوافر البنية التحتية والجاهزية لاستدامة هكذا خدمات مستقبلاً؟ وهل هناك مشاريع لتطوير نموذج وخدمات الدفاع المدني لمرحلة ما بعد الجائحة؟ يؤكد اللواء نصار: “على المستوى الاداري والاستراتيجي والاتصال مع الشركاء الدوليين والمحليين تم استخدام التقنيات الافتراضية والبرامج الالكترونية وكذلك استمرار المشاركة في البرامج والتدريبات والورش الدولية باستخدام التقنيات التكنولوجية، ومن مشاريع التطوير قمنا بتجهيز غرفة عمليات مركزية، وثلاث غرف عمليات في الشمال والوسط والجنوب مجهزة ببنية تحتية حديثة للتواصل الافتراضي في غرفة العمليات المركزية، وتستخدم تقنيات الاتصال المرئي بشبكة انترنت تربط جميع مراكز الدفاع المدني مع العمليات المركزية اضافة لاستخدام برامج العمليات الموحد وانظمة تتبع المركبات للاطلاع على حركتها وضبط نظام الرقابة على الاداء”.

ويضيف: “بعد اجتماع المجلس الاعلى للدفاع المدني برئاسة رئيس الوزراء رئيس المجلس الاعلى بعد اعلان حالة الطوارئ تم اتخاذ سلسلة من القرارات ابرزها: ترأُس الدفاع المدني لجنة خاصة تضم شؤون المحافظات والحكم المحلي وزراة الصحة والهلال الاحمر وسلطة جودة البيئة لرعاية مراكز الحجر والعزل ومنازل المصابين وتقديم كافة الاحتياجات الضرورية لضمان عدم تفشي الفيروس، وابرز التدخلات عمليات التعقيم الشاملة، وضمان استمرار عمل  القطاعات الاقتصادية كالمخابز والمتاجر والصيدليات ومحطات الوقود والغاز حتى نضمن درجات أمان مرتفعة وتقليل احتمالية الحوادث في هذه القطاعات  ضمن جدول زيارات يومي وصل الى اكثر من 90 جولة ميدانية في مختلف المحافظات كما اتخذنا سلسلة قرارات تتعلق باجراءات تعقيم اسطوانات الغاز وعبوات المياه لشركات التعبئة المختلفة”.

 فريق البحث والانقاذ يخضع لتدريبات مكثفة وفق بروتوكول أممي

الخبرات والمعرفة والمهارات من المكونات الرئيسية لموظفي الدفاع المدني، لتمكينهم من التعامل في اللحظات الصعبة بحكم طبيعة عملهم، كيف يتم بناء موظفي وطاقم وحدات الدفاع المدني؟ يجيب اللواء نصار: “يتم اختيار منتسبي الدفاع المدني بالإعلان الرسمي عن حاجة المؤسسة وينشر الاعلان في كافة وسائل الاعلام وتُجرى مقابلة تركز على القوة البدنية والصحية والذهنية للمتقدم، وبعد الاختيار يخضع المرشح لبرنامج تدريب محلي لصقل مهارات الانضباط والالتزام في مراكز تدريب قوى الامن الفلسطيني ومن ثم يخضع لبرنامج تدريبي تأسيسي محلي لدى مركز تدريب الدفاع المدني، ومن ثم يدخل ضمن برنامج تدريب اختصاص ومهام محددة على المستوى الداخلي، ويأتي ما سبق ضمن استراتيجية الدفاع المدني لتوطين التدريب محليا، حيث يوجد لدينا في مدينة اريحا مركز مجهز ببنية تحتية يتلقى فيها المنتسب الاطار النظري والعملي قبل ممارسة مهامه التي تتسم بالخطورة، وفي ما يتعلق بالدورات والمشاركات المتخصصة على المستوى الدولي، لدينا شراكات مع المؤسسات الدولية ذات الاختصاص ومنها (المنظمة الدولية  للحماية المدنية، الآلية الاوروبية للحماية المدنية، اتفاقات ومذكرات تفاهم مع اجهزة الدفاع المدني والحماية المدنية في دول شقيقة وصديقة) يتلقى فيها ضباطنا وافرادنا برامج تدريبية متخصصة، ونحصل على بعض المناهج من هذه الدورات والمشاركات ويتم ادخال بعضها لمركز التدريب الخاص في الدفاع المدني، وقبل عامين أسسنا فريق البحث والانقاذ الوطني الفلسطيني الذي يخضع لتدريبات مكثفة وفقا لبرتوكولات الامم المتحدة من اجل اعتماده وتصنيفه كفريق دولي لمهمات الانقاذ المحلية والوطنية والمشاركات الدولية”.

47 مركزًا مزود بالتجهيزات اللازمة وفق الامكانات المتاحة

الموارد هي أساس البناء ووقود تمكين الدفاع المدني من تطوير قدراته والاستجابة في أقسى الظروف في مختلف المجالات للحفاظ على عمله ودوره الحيوي، على هذا الصعيد يوضح اللواء نصار: “يحظى الجهاز بدعم سيادة الرئيس محمود عباس والحكومة لقناعتهم بأهمية الجهاز، لأن تطوير الدفاع المدني حتى يبقى جاهزًا من حيث الافراد والآليات وغيرها من المتطلبات اللوجستية، يعتبر مهمة متواصلة في ظل تنوع  وازدياد مخاطر التهديدات، وتوفير المتطلبات والموارد اللازمة لمواكبة ذلك مرتبط بقدرة الحكومة على تخصيص موازنة ضمن اولوياتها والظروف التي تسمح بذلك فبعض الازمات التي تواجه الحكومة قد تشكل تحديات امام تنفيذ خططها التطويرية”.

في سياق مواز يقول اللواء نصار: “في الوقت الراهن حصلنا على دعم من عدد من الدول والاصدقاء لتعزيز جاهزية الجهاز من المركبات و نقوم بالاستثمار الامثل للموارد المتاحة، حيث بلغ عدد مراكز الدفاع المدني 47 مركزا من بينها ثلاث وحدات للاسناد التي تحتوي على بعض المعدات الثقيلة والرافعات  ومركز تدريب، وفي الثلاث سنوات الاخيرة ادخل الدفاع المدني مركبات متطورة منها 17 مركبة كمنحة من الاتحاد الاوروبي 6 للاستجابة لحوادث الانقاذ السريع منها 3 مركبات انقاذ كبيرة و9 مركبات متخصصة بالإطفاء”.

سلامة المنتسب أساس استمرارية مراكز الدفاع المدني في تقديم خدماته

العمل في ظل الجائحة يحمل مخاطر الاصابة بفيروس كورونا خاصة على الطواقم العاملة في الميدان، فما هي الاجراءات التي يقوم بها جهاز الدفاع المدني لضمان توفير البيئة الصحية الآمنة لفريق العمل قبل وخلال قيامهم بدورهم في الميدان، يوضح اللواء نصار: “يخضع منتسبو الدفاع المدني لبرامج تدريبية تتعلق بالحماية الشخصية واولوية الحفاظ على الذات، وتطبيق البروتوكولات الصحية داخل مراكز الدفاع المدني كإجراءات فحص الحرارة والالتزام بقرارات الحكومة بمنع المشاركة في المناسبات الاجتماعية وتوفير الالبسة الواقية ومعدات الحماية والاطلاع على الخارطة الوبائية المحدثة يوميا، ولأن عدد افراد الدفاع المدني قليل نوعًا ما، حيث يبلغ عدد افراده 1250 تقريبًا، ما يتطلب اخذ اقصى درجات الحذر لتجنب الاصابات حتى لا نضطر لإغلاق أي مركز من مراكزنا وحتى نبقى على جاهزية تامة لخدمة من يطلب النجدة او العون من قبل طواقمنا”.

25 اصابة في صفوف رجالنا و”الفزعات” تعرقل عمل  الطواقم الميدانية

الدفاع المدني هو الدرع المدني للمجتمع ومناط به حماية أرواح وحياة وممتلكات المواطنين، ووعي وتعاون الجمهور مع عمل الدفاع المدني خاصة في حالات التدخل يكون أساس نجاح عمليات التدخل، هنا يشير اللواء نصاء الى هذا الجانب بقوله: “هنالك تباين في تعاون الجمهور، ويتسم سلوك المجتمع بما يعرف (بالفزعة) والفضول التي تشكل احيانا عائقًا امام الطواقم المتخصصة اثناء تقديم الخدمات، وقد تمكنا من تخفيف هذه الظاهرة من خلال تدريب المتطوعين المدربين من قبل الدفاع المدني على آلية الاستجابة الاولية للحوادث والاستفادة من الجهود المنظمة، وفيما يتعلق بالوعي العام هنالك انخفاض كبير في أعداد الحوادث وأعداد الضحايا، ويعد هذا واحدا من أهم المؤشرات التي نقيس بها اداء المؤسسة وفاعلية انشطتها واجراءاتها كنشاط ادارة السلامة والوقاية وبرامج التدريب المجتمعي والنشاط التوعوي الذي ساهم في هذا الانجاز، وينبغي الاشارة الى أنه أصيب 25 فردا خلال عام 2020 من رجال الاطفاء والانقاذ باصابات متفاوتة اثناء القيام بواجباتهم وخاصة في عمليات الانقاذ”.

سرعة الاستجابة وتقليل المخاطر وأثرها هي مرتكزات استراتيجية الدفاع المدني

التخطيط للطوارئ واستشراف المستقبل من العناصر الرئيسية للجاهزية عند حدوث الكوارث والازمات، فهل لدى الدفاع المدني خطة طوارئ لمواجهة الازمات والكوارث على مستوى الاراضي الفلسطينية؟ وما هو المطلوب من المؤسسات الرسمية لمساندة خطط واجراءات الدفاع المدني لتحقيق ذلك؟ يجيب  اللواء نصار بقوله: “من خلال تجارب العمل التي راكمها الدفاع المدني خلال المرحلة الماضية فقد تم تطوير خطة استراتيجية تتمحور حول اثنتين من الركائز:

الاولى: سرعة الاستجابة التي تتطلب زيادة عدد مراكز الدفاع المدني وامتلاك المعدات وبناء وتطوير مهارات الافراد، وقد استطعنا خلال 4 سنوات تقليل مدة معدل الاستجابة من 18 دقيقة الى 12 دقيقة وضمن الاستراتيجية نعمل للوصول الى 10 دقائق خلال العامين المقبلين.

ثانيا: تقليل درجات المخاطر من خلال توعية المجتمع  وتطبيق اجراءات السلامة العامة في المنشآت الحيوية والاقتصادية المختلفة، وحث مؤسسات القطاع الخاص والعام والنقابات على وضع خطط  تأخذ في الاعتبار الأزمات والمخاطر المحتملة، ففي عام 2019 تلقى أكثر من 400 ألف مواطن تدريبات على علوم الدفاع المدني، لأن المواطن يمكن ان يكون المستجيب الاول، من خلال اتخاذه قرارات لتخفيض المخاطر في المنزل أو المركبة أو مكان العمل، فالخطر درجات ترتفع وتنخفض احتمالية تحققه بمستوى الاجراءات الوقائية التي نتبناها كتنفيذ الصيانة الدورية للأجهزة واختيار الاصناف ذات الجودة ومراعاة معايير السلامة الجيدة ومتابعة نشرات التوعية الصادرة عن الدفاع المدني واخذها بمسؤولية وعلى محمل الجد، وبالتالي المواطن هو الركيزة الاساسية في مساعدة الدفاع المدني. كما قمنا بفرض اجراءات السلامة العامة على اكثر من 75 ألف منشاة تجارية ونفذنا اكثر من 6 حملات توعوية للوصول الى اكبر شرائح المجتمع”.

التدريب والتعاون.. خيارنا لتسهيل توقيت وصول الطواقم لمواقع الحدث

من المؤشرات على كفاءة وفاعلية الأداء هو تقصير مدة تلبية نداءات الاستغاثة عند حدوث الكوارث والاحداث، فكيف يعمل الدفاع المدني الفلسطيني على ادارة الوقت بكفاءة؟ “تعتمد سرعة الاستجابة، اولا على الابلاغ المبكر عن الحوادث على ارقام الطوارئ الخاصة بالدفاع المدني، وعلى سرعة الطواقم في الاستعداد والجاهزية الدائمة، وعلى قرب مراكز الدفاع المدني من مكان الحادث فكلما كان البلاغ مبكرًا وواضحًا ساهم هذا العامل بسرعة الاستجابة، اما التحديات فتتمثل في تأخر وصول الطواقم الى مكان الحادث خاصة اذا تزامن مع وقت الذروة بسبب أزمات السير والاكتظاظ المروري، الى جانب قلة عدد المراكز بالنسبة لعدد التجمعات السكانية والبلاغ المتأخر للحوادث”، يقول نصار.

وحول العمل في المناطق خارج سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية وما يشكله ذلك من  عقبات، وكيف يتعامل الدفاع المدني في حال كان نداء الإغاثة في المناطق المصنفة “C”.. وهل يحتاج وصول طواقم الدفاع المدني الى تنسيق مع الجانب الإسرائيلي؟ يوضح اللواء نصار: “طواقمنا تتحرك في مختلف المناطق وقد قمنا بافتتاح اكثر من 20 مركزا للدفاع المدني في القرى وخارج المدن الرئيسية لتعزيز صمود ابناء شعبنا ضمن رؤية الحكومة في هذا المجال، ومرجعيتنا في هذا الموضوع هو الارتباط العسكري الفلسطيني في حال مواجهة اي عقبات وتحديات كاعتداء قوات الاحتلال ومستوطنيه على ممتلكات المواطنين”.

استعداد مضاعف لمواجهة فصل الشتاء في ظل الجائحة وتجهيز 27 كاسحة ثلوج  

الاستعداد هذا العام لمواجهة فصل الشتاء لن يكون كأي عام آخر بسبب الجائحة التي فرضت معطيات جديدة على الارض، وفي هذا الاطار يقول اللواء نصار: “اتخذ الدفاع المدني كافة استعداداته المتاحة لمواجهة مخاطر فصل الشتاء، فعلى صعيد العمليات وغرف العمليات عُقدت في المحافظات اجتماعات مع اعضاء لجان الطوارئ ودور كل شريك في نظم الاستجابة من خلال 11 غرفة عمليات فرعية وثلاث غرف عمليات في شمال ووسط وجنوب الضفة وغرفة عمليات مركزية. وعلى صعيد المعدات فقد تم تجهيز كامل المعدات المتاحة من مولدات كهرباء للعمل ليلا مع مضخات تصريف المياه ومعدات الانقاذ المختلفة كأجهزة سحب المركبات”.

ويتابع: “تم تجهيز فرق الدفاع المدني في المحافظات المرشحة لتساقط الثلوج بـ ٢٧ كاسحة ثلوج لتعمل في اوقات الضرورة، الى جانب تأمين الطواقم بكامل احتياجاتهم ولباسهم للحماية الشخصية وتوفير المرونة اللازمة لمهنية عملهم، اضافة الى عقد اجتماعات مهمة مع فرق الدفع الرباعي وفرق المتطوعين من اجل دمجهم في نظم الاتصال لإدارة مواردهم وقدراتهم في اوقات الاستعداد والجاهزية التي تتخذ في حالات الانذار بالمنخفضات الجوية العميقة”.

الاعلام شريك استراتيجي وصوت وصورة الدفاع المدني للوصول للجمهور

الاعلام الرسمي ووسائل الاعلام بشكل عام شريك استراتيجي لايصال رسالة الدفاع المدني وتعزيز دوره في مختلف المناسبات، فكيف ينظر اللواء نصار لهذه العلاقة وكيف يمكن تطويرها لخدمة رسالة الدفاع المدني الاستراتيجية؟ يقول: “ان مسؤولية توعية المجتمع لا يمكن أن تتم الا من خلال شريك يتقاسم معك هذا الدور المهم والحيوي، ووسائل الاعلام المختلفة وفي مقدمتها الاعلام الرسمي وفرت للدفاع المدني منصاتها المختلفة لتغطية الاخبار المهمة التي تهم الجمهور كما وفرت مساحة كافية لبث برامج توعوية مختلفة لبناء مواقف لدى الجمهور من المخاطر المختلفة وتغيير الصورة النمطية التي سادت عن اعمال الدفاع المدني واظهار هذه المؤسسة بالصورة التي تليق بحجم تضحيات منتسبيها ومنتسبي قوى الأمن الفلسطيني الذين يسهرون على حماية ابناء مجتمعنا ومصالحهم وممتلكاتهم”.

المصدر الحياة الجديدة
الاخبار العاجلة