السودان..انقسام حول آلية التعاون مع الجنائية الدولية

18 أغسطس 2021آخر تحديث :
السودان..انقسام حول آلية التعاون مع الجنائية الدولية

صوت الشباب 18-8-2021  في انتظار اجتماع مشترك لمجلسي السيادة والوزراء بالسودان (التشريعي المؤقت)، يحتدم جدل حول احتمال إقدام الحكومة الانتقالية على تسليم المتهمين بارتكاب جرائم في إقليم دارفور (غرب) إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وأبلغت الخارجية السودانية، في 10 أغسطس/ آب الجاري، المدعي العام للمحكمة، كريم أسد خان، بأن مجلس الوزراء اتخذ قرارا بتسليم المطلوبين، على أن يُعرض القرار على اجتماع مشترك لمجلسي السيادة والوزراء (لم يُعلن عن موعد له).

وتطالب المحكمة الخرطوم بتسليم 4 متهمين، هم: الرئيس السوداني المعزول عمر البشير (77 عاما)، ووالي شمال كردفان السابق، أحمد محمد هارون (56 عاما)، ووزير الدفاع السابق، عبد الرحيم محمد حسين (72 عاما)، وعبد الله بندة (58 عاما) أحد قادة المتمردين في دارفور.

وهؤلاء تتهمهم المحكمة بارتكاب جرائم حرب وإبادة وجرائم ضد الإنسانية، خلال نزاع مسلح اندلع في دارفور عام 2003 بين القوات الحكومية وحركات مسلحة متمردة، وهو ما ينفي صحته المتهمون.

وزار “خان” الخرطوم بين 9 و12 أغسطس الجاري، برفقة وفد من المحكمة ضم كبير محامي الادعاء، جوليان نيكولز، ومستشار المدعي العام، توماس لينش، ومستشار التعاون الدولي بمكتب الادعاء، داهيرو سانت انا.

وهذه هي زيارة “خان” الأولى للسودان منذ توليه منصبه في 16 يونيو/ حزيران الماضي، وأجرى خلالها مباحثات مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبدالفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ورئيس مجلس الوزراء، عبد الله حمدوك، ووزيرة الخارجية، مريم الصادق المهدي، ووزير العدل، نصر الدين عبد الباري، والنائب العام المكلف، مبارك محمود.

** جدل حول الخطوة

وفي 3 أغسطس الجاري، أجاز مجلس الوزراء السوداني مشروع قانون انضمام البلاد إلى ميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ومقرها في مدينة لاهاي بهولندا.

وتترقب الأوساط السياسية والقانونية في السودان الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء، للمصادقة على قرار مجلس الوزراء بتسليم المطلوبين والانضمام إلى ميثاق روما، أو ما قد يتمخض عن الاجتماع خلافا لذلك.

ومؤقتا، يؤدي المجلسان أعمال المجلس التشريعي، لحين اتفاق أطراف “مجلس شركاء الفترة الانتقالية” على تشكيل المجلس كي يؤدي دور التشريع، لحين إجراء انتخابات في نهاية الفترة الانتقالية، مطلع 2024.

وثمة تساؤلات حول الفاتورة السياسية والقانونية التي يمكن أن تدفعها الحكومة في حال تسليم المطلوبين وإمكانية فتح الباب واسعا أمام المحكمة لفتح ملفات الانتهاكات أثناء النزاع المسلح في ولايتي جنوب كردفان (جنوب) والنيل الأزرق (جنوب شرق)، وخاصة بعد موافقة السودان على فتح مكتب للمحكمة بالخرطوم.

وتقاتل الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال، القوات الحكومية في الولايتين، منذ يونيو/حزيران 2011.

وفي 12 أغسطس الجاري، أعلن “خان” توقيع مذكرة تفاهم جديدة مع الحكومة تشمل تسليم جميع من أصدرت المحكمة أوامر بالقبض عليهم.

وسبق تلك المذكرة، توقيع السودان والمحكمة، منتصف فبراير/ شباط الماضي، مذكرة تفاهم بشأن محاكمة علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف بـ”علي كوشيب”، أحد زعماء مليشيا “الجنجويد” السودانية، الذي سلّم نفسه للمحكمة، في يونيو/ حزيران 2020.

وأثار قرار مجلس الوزراء تسليم المطلوبين غضب الحركة الإسلامية السودانية، وهاجمت الحكومة، في بيان، معتبرة أن هذا القرار هو “تسديد لفاتورة العمالة”.

لكن الخطوة وجدت بالمقابل ترحيبا من حاكم دارفور، مني أركو مناوي، الذي طالب مرارا بتسليم المطلوبين إلى المحكمة الدولية.

وثمة مخاوف من أن عدم تسليم المطلوبين للمحكمة الدولية قد ينسف اتفاق السلام الذي وقعته الحكومة مع حركات متمردة، في 3 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

** خلاف حول التسليم

وقال الخبير القانوني، القيادي في حزب “المؤتمر الشعبي”، تاج الدين بانقا، للأناضول، إنه لا توجد علاقة بين مصادقة السودان على ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية وتسليم المطلوبين في جرائم بدارفور.

وأضاف أن “السودان ملزم بالخضوع للمحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي والإبادة الجماعية بعد المصادقة، لتحال الجرائم الجديدة إلى محكمة لاهاي”.

وتابع: “المبدأ القانوني هو أنه لا أثر رجعي للقانون، ولا جريمة بلا نص ولا عقوبة بلا نص، المطلوبون من المحكمة الدولية محالون إليها بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1593، قبل توقيع السودان لميثاق روما”.

وأردف: “هنالك خلاف بين مجلسي السيادة والوزراء حول هذه القضية، فبعض أعضاء مجلس السيادة يرون أن القضاء السوداني راغب وقادر على محاكمة المتهمين داخل البلاد، وأن هذا أمر يتعلق بالسيادة”.

وفي 2 يونيو /حزيران الماضي، أعلنت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية آنذاك، فاتو بنسودا، عدم اعتراض مسؤولي الحكومة السودانية على تسليم المتهمين.

وأعلنت الحكومة، في فبراير/ شباط 2020، أنها اتفقت مع حركات التمرد في دارفور، خلال محادثات سلام، على ضرورة مثول المطلوبين أمام المحكمة الدولية.

وزاد “بانقا” بأن “جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية تمت إضافتها للقانون السوداني لضمان تحقيق مبدأ عدم الإفلات من العقوبة الذي تطالب به المحكمة الدولية”.

وفي 19 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بحثت الحكومة مع المحكمة 3 خيارات لمحاكمة المتهمين بجرائم في دارفور، وهي: “تشكيل محكمة خاصة، أو محكمة هجينة (مختلطة بين السودان والمحكمة) أو مثول المتهمين أمام المحكمة في لاهاي”.

** قضايا جديدة

ووفق وليد تقل، وهو محامٍ وباحث حقوقي في دارفور، فإن “الحكومة السودانية ستكون ملزمة بالتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية بعد المصادقة على ميثاق روما في الاجتماع المشترك بين مجلسي السيادة الوزراء”.

وتابع “تقل” للأناضول أن “المحكمة ستكون لها السيادة القانونية على الحكومة بعد المصادقة؛ لأن جرائم دارفور أُحيلت إليها بقرار من مجلس الأمن الدولي، ولم تكن للمحكمة الولاية المباشرة”.

وأردف أن فتح مكتب للمحكمة في السودان سيكون له ارتباط بالانتهاكات وجمع الأدلة في المرحلة الأولية، ويمكِّن من فتح قضايا في الانتهاكات خلال النزاع المسلح في جنوب كردفان والنيل الأزرق.

واستطرد: “الشكاوى في الانتهاكات بمناطق النزاع المسلح لم يتم النظر إليها في السابق، لكن بعد فتح مكتب للمحكمة في السودان سيكون هنالك تطور في هذا الملف”.

الاخبار العاجلة