اليقظة والحذر.. فالدولة الوطنية في خطر

25 أكتوبر 2021آخر تحديث :
اليقظة والحذر.. فالدولة الوطنية في خطر
اليقظة والحذر.. فالدولة الوطنية في خطر

بقلم : موفّق مطر 

كان الالتزام الأخلاقي والسياسي بالانتصار للقضية الفلسطينية، ومساندة حركة التحرر الوطنية الفلسطينية ما زال معيارا لقياس التحرر والثورية والوطنية لدى الشعوب الحرة المؤمنة بالمعاني الحقيقية لحرية واستقلال الشعوب وحقوقها غير القابلة للتصرف، تجلى أحسنها وأعظمها في ميادين الثقافة الإنسانية، حتى أصبحت حركة التحرر الوطنية الفلسطينية  رمزًا لحركات  التحرر في العالم، ونموذجًا للعمل الوطني الكفاحي لشعب أنكرت المنظومة الاستعمارية الدولية حقه في الاستقلال والسيادة، ووفرت للمنظومة الصهيونية العنصرية عناصر الخرافة لإنكار وجوده التاريخي على أرض وطنه فلسطين، وارتكاب أفظع جريمة بحق الإنسانية في التاريخ المعاصر بواسطة منظمات إرهابية جندت يهودًا من أقطاب الكرة الأرضية لا يجمعهم عرق ولا قومية لارتكابها، والهدف اغتيال الدولة الوطنية الفلسطينية التي كانت جاهزة لنيل استقلالها، نظرًا لمتانة قواعدها وركائزها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ففلسطين كانت نموذجًا  لدولة مكتملة الأركان، بدلالة الوثائق الرسمية السيادية أثناء استعمار بريطانيا لوطننا فلسطين قبل تعاظم نفوذ المنظمة الصهيونية الاستعمارية على أرضها بتواطؤ المستعمرين الأوائل، الذين عملوا على منع قيام دولة وطنية في فلسطين التاريخية والطبيعية مهما كلف الأمر،  فاستخدموا المنظمة الصهيونية أداة لمنع سطوع نجم دولة كان ممكنًا أن تغير وجه الشرق الأوسط في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي… ومازالوا حتى الآن يستخدمون ذات الأدوات (المنظومة الصهيونية العنصرية) ودويلتها الناقصة المسماة (اسرائيل) ولكن بإضافة أدوات محلية منحت  الضوء الأخضر للعمل حتى التلاقي مع اتجاه الدول الاستعمارية والمنظومة الصهيونية لمنع قيام دولة وطنية في فلسطين، وزاد عليها خطة تطويق فلسطين بأدوات متفرعة عن الأصل (جماعة الإخوان المسلمين) في بلاد عربية.

مُنحَ هؤلاء (الاخوان) كل أسباب التمكين والنمو في مجتمع الشعب الفلسطيني أولاً، ولدى مجتمعات الشعوب العربية، وتم زجهم في الهجوم المضاد على الدولة الوطنية في فلسطين أولاً، وعلى الدولة الوطنية في الأقطار العربية وتحديدًا المجاورة جغرافيا لفلسطين، ثم مهدت دروب تمددهم نحو أقطار عربية بعيدة جغرافيًا كالمغرب العربي، بعد تنامي المد الجماهيري العربي المساند والمتبني للقضية الفلسطينية، وبعد أن أصبحت عواصم عربية كتونس والجزائر الشقيقتين عواصم إرتكاز للقرار السياسي الوطني الفلسطيني المستقل، والتحولات السياسية المفصلية كإعلان وثيقة الاستقلال عام 1988 في الدورة 19 للمجلس الوطني في الجزائر، أما هنا على أرض فلسطين، فقد تم تسوية العراقيل كافة تحت سيطرة نظر وسمع سلطة الاحتلال أمام فرع الإخوان المسلمين في فلسطين المسمى لاحقًا (حماس) وذلك لضرب المشروع الوطني الفلسطيني وتدميره ببطء من الداخل عبر تحويل صراع الشعب الفلسطيني وحركة تحرره الوطنية الرئيس مع منظومة الاحتلال العنصري، إلى صراع ثانوي، ليصير الصراع الرئيس بين فصائل ومكونات الشعب الفلسطيني السياسية، فعملت على تحريف مبادئ وأهداف وقيم وفكر حركة التحرر الوطنية الفلسطينية المناضلة لتحقيق هدف التحرر الوطني والاستقلال والحرية والدولة ذات السيادة وعاصمتها القدس، لتصبح مجرد فرع لتنظيم عالمي (جماعة الإخوان المسلمين) يقدم خدمات لقوى ودول في الإقليم، وليصبح الصراع دينيا كما رُسم سلفاً في أجندة المنظمة الصهيونية.

علينا ألا نغفل عن حقيقة وهي أن تجربة تدمير الدولة الوطنية في الوطن العربي قد بدئ بها في فلسطين، عندما مكن أريئيل شارون حماس والمتآمرين معها من السيطرة على قطاع غزة، فكسر جناح دولة فلسطين المعلنة في إعلان وثيقة الاستقلال 1988 من المجلس الوطني، فضعفت قدرة حركة التحرر الوطنية على التحليق، واستكمال مهمة المشروع، ونجحت المؤامرة بتوظيف أشخاص كدحلان وجماعته سوقوا الأوهام تحت شعارات إصلاحية وديمقراطية كاذبة!!

 ما نشاهده ونلمسه في أقطار عربية من خروقات جسيمة مدمرة لهيكل الدولة الوطنية سيتوقف تمامًا عندما ننتصر نحن هنا في فلسطين لهويتنا والدولة الوطنية، ونتصدى مع أشقائنا العرب لمنظومة استبدادية هي (الأحزاب المستخدمة للدين) لأغراض سلطوية سياسية دنيوية، لا تقل خطرًا عن منظومة الصهيونية، لكنها تستخدم القضية الفلسطينية كما استخدمت الدين، لتدمير قواعد وركائز الدولة الوطنية ابتداء من فلسطين، فهؤلاء يدركون أن فلسطين ستكون بحركتها ودولتها الوطنية المستقلة سببًا لتعافي الأمة العربية وتقدمها، لكنهم يستغلونها باستماتة في أجنداتهم لتدمير الدولة الوطنية في أقطار الوطن العربي، ولمساعدة النفوذ الصهيوني على التمدد تحت عنوان (التطبيع وإتفاقات أبراهام) بالتوازي مع تجفيف العمق الاستراتيجي للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة،… فلنحذر!!!

المصدر: الحياة الجديدة 

الاخبار العاجلة