خاص – روسيا في مواجهة أمريكا : طبول الحرب الكلامية تقرع على حدود اوكرانيا

18 يناير 2022آخر تحديث :
خاص – روسيا في مواجهة أمريكا : طبول الحرب الكلامية تقرع على حدود اوكرانيا
خاص – روسيا في مواجهة أمريكا : طبول الحرب الكلامية تقرع على حدود اوكرانيا

صوت الشباب 18-01-2021 د.عوض سـليميـة انتهت ثلاث جولات من المفاوضات بين الوفد الروسي والوفد الامريكي في جنيف على مدار يومي 9&10 يناير، وتلتها الجولة الثانية التي عقدت يوم 12 مع اعضاء حلف الناتو في فرنسا (مجلس روسيا-الناتو)، والجلسة الثالثة يوم 13 مع اعضاء منظمة الامن والتعاون الاوروبي في فينا.  

 ركزت اللقاءات الثلاث في جوهرها على بحث القضايا الامنية ذات الاهتمام المشترك وفي مقدمتها ورقة الضمانات الامنية التي سبق وأن قدمتها موسكو لواشنطن في وقت سابق من العام الماضي 2021،  والتي بموجبها تطلب موسكو من واشنطن وبروكسل ضرورة الالتزام  باتفاقيات الموقعة عامي 1997 التي اعقبت انهيار الاتحاد السوفييتي، واتفاقية 2002 الموقعة بين موسكو والحلف، والتي تنص من بين امور اخرى، على عدم توسع الحلف شرقاً نحو الفضاء الروسي، بعبارة اخرى، يمنع ضم مزيد من الدول الغير منتمية للحلف قبل العام 1997 (كانت سابقا جزء من جمهوريات الاتحاد السوفييتي)، الى جانب، عدم نشر صواريخ قصيرة او متوسطة المدى قادرة على تهديد الامن القومي لاي طرف، وعدم القيام بتدريبات او مناورات جوية، برية او بحرية بدون اشعار الاطراف…. الخ، على قاعدة ان لا احد عدو للاخر في منطقة اليورو اطلنطي.

شهدت الاجتماعات الثلاث ساعات طويلة من النقاش الصعب، ولم تفضي الى نتائج جوهرية لنزع فتيل الازمة، فقد تمسكت موسكو بمواقفها، وطالبت بان يكون الناتو لاعباً لحفظ السلام في المنطقة بدلا من تركيزه على التوسع شرقاً، وان يٌقدر وجود روسيا واهميتها كضامن للسلام في المنطقة والعالم، خاصة وان روسيا كانت طرفاً مهماً في الحرب الدولية على ما يعرف بالارهاب.

وفي اطار ردود الفعل المتسارعة، نُقل عن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف تصريحاته، بأن موسكو تنتظر الان ورقة مكتوبة من واشنطن وحلفائها للرد على طلباتها الامنية، وتنتهي المهلة منتصف الاسبوع القادم، ولن تكون مهلة الرد مفتوحة الى ما لا نهاية، واضاف شيخ الدبلوماسيين الروس، ان عملية توسع الناتو شرقا سيزيد من مخاطر اندلاع مواجهة مع روسيا. مما يزيد الخطر على اوروبا بمجملها، ويذهب القادة الروس بعيداً في تشخيص الحالة، فموسكو ترى ان مواقف الغرب مرتبطة تماماً بمواقف واشنطن، وان تصريحات القادة الامريكيين حول مسألة مشاورة الحلفاء هي مجرد كذبة امريكية، بهدف كسب مزيد من الوقت لنشر مزيد من قوات الحلف والمعدات العسكرية على الاراضي الاوكرانية.

والسؤال الان، هل الرئيس بايدن مستعد للانخراط في حرب مباشرة مع روسيا قد تفضي الى حرب نووية

في واشنطن بدا الموقف متوتراً، وبدأت الصحف ووكالات الانباء تتحدث عن تصاعد الازمة، وطبول الحرب الكلامية التي تُقرع بين امريكا وموسكو، وتتحدث بأن الروس بدؤوا باتخاذ اجراءات تدلل على بدء ساعة الصفر لاجتياح اوكرانيا، ويرى الامريكيون ان مثل هذه الانشطة الروسية كانت قد تكررت ابان التحضير الروسي لضم جزيرة القرم في العام 2014. ومنها على سبيل المثال،  قيام هكرز بمهاجمة الوزرارات والمؤسسات الاوكرانية واخراجها خارج الخدمة، مع ترك رسالة تحذيرية مفادها” ارتعبوا…. فالاسود قادم” ورغم عدم اتهام اوكرانيا للروس مباشرةً بالقيام بهذه العملية، الا ان مسؤولين اوكران المحوا بذلك. اضافة الى ذلك، تداولت وسائل الاعلام الامريكية بما فيها New York times The و Washington Post خبر نقلا عن الــــ CNN مفاده، ان موسكو تنوي استخدام استراتيجية “العلم الكاذب” False Flag[1] لتبرير غزوها لكييف، وهو ما تحدثت به جين ساكي السكرتيرة الصحفية للرئيس بايدن بحسب ما وردها من وكالة المخابرات الامريكية. واضافت صحيفة The Wall Street Journal ان روسيا دفعت بمزيد من قواتها نحو الحدود الروسية الاوكرانية، بحيث وصل تعداد الجيش الروسي الى قرابة 275 الف جندي بكامل احتياجاتهم العسكرية.

هذا التوتر المتصاعد الى جانب التهديدات، وبعض الاحداث على الارض يعتبرها مراقبون كمقدمة لعمل عسكري متوقع، في مجملها، تزيد الضغط على إدارة بايدن المشغولة في مشاكلها الداخلية، الناتجة عن جائحة كورونا والتي انعكست سلباً على الاقتصاد الامريكي مع استمرار تعثر خطته اعادة البناء بشكل افضل في جزئيتها ” الخطة الاجتماعية” والتي لم يتم تمريرها حتى الان بسبب معارضة اعضاء من مجلس الشيوخ بما فيها اعضاء ديموقراطيون.

 وبالرغم من ذلك، لم يبتعد الرئيس بايدن عن مجريات الاحداث، وخاصة بعد تصريحات وزير الخارجية الروسي لافروف، وقد اعلنت شبكة الـــ CNN أن الادارة الامريكية “وافقت سرا على منح أوكرانيا 200 مليون دولار إضافية مساعدات دفاعية”.

يمكن قراءة المشهد بناءاً على التطورات وفق الاتي.

  1. حتى الان لا يوجد مظاهر حول نية انخراط امريكا وكذلك حلفاؤها الغربيون في حرب مباشرة مع روسيا، فلا يوجد صور أو معلومات توثق نشر مستشفيات عسكرية للجيش الامريكي سواء على الاراضي الامريكية او في القواعد المنتشرة في اوروبا (المانيا مثلاً) او بحر الصين الجنوبي (كوريا الجنوبية او اليابان)، بالاضافة الى ذلك، لم تشهد العاصمة واشنطن اجتماعات استثانية بين إدارة الرئيس بايدن و/أو مستشاري الامن القومي، مدراء وكالات الاستخبارات …. في الوقت نفسه، بدأ الغرب على لسان المستشار الالماني شواتز ورئيس الوزراء الفرنسي ماكارون يرسلون رسائل ايجابية تحمل في طياتها دعوات لايجاد حلول دبلوماسية بين الطرفين لمنع انزلاق الامور نحو حرب شاملة.
  2. لقد نجحت استراتيجية الضغط القصوى للرئيس بوتين في جلب الامريكان الى طاولة المفاضات بصورة منفردة، وسماع احتياجاته الامنية بعيدا عن حلفائه الغربيين.
  3. خيارات الغرب محدودة وخاصة لجهة احتياجاتهم الضرورية للغاز الروسي(40% يصل الى اوروبا) خاصة خلال هذا الشتاء، ولا طاقة للمواطن الاوروبي لتحمل مزيداً من ارتفاع الاسعار خاصة في ظل الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعانيها اوروبا بسبب جائحة كورونا.
  4. على الرغم من ان الدبلوماسية لم تغلق طريقها ولم تستنزف حتى اللحظة، الا ان القيادة الروسية تواصل استراتيجيتها الضاغطة وتلوح بمزيد من الخيارات الاخرى، التي ترى بانها قادرة على ارغام واشنطن للاستجابة لطلباتها والتوقيع على ورقة الضمانات الامنية.

الجميع بانتظار الرد الامريكي على رؤية القيادة الروسية لحل الازمة حتى منتصف الاسبوع القادم….

الاخبار العاجلة