صمود فلسطيني في وجه الفاشية والتطهير العرقي

15 فبراير 2022آخر تحديث :
صمود فلسطيني في وجه الفاشية والتطهير العرقي
صمود فلسطيني في وجه الفاشية والتطهير العرقي

صوت الشباب 15-02-2022  الكاتب: باسم برهوم   الرواية الإسرائيلية الرسمية تحاول أن تقدم أو توحي بأن ايتمار بن غفير، الذي يعربد هذه الأيام في حي الشيخ جراح الفلسطيني في القدس المحتلة، بأنه هو وجماعته ظاهرة متطرفة معزولة في المجتمع الإسرائيلي، وتقول إنه امتداد للمتطرف مائير كاهانا الذي أسس في الثمانينيات من القرن العشرين حركة “كاخ” التي كانت تدعو لتهجير الفلسطينيين إلى الدول العربية. هذه الرواية تتجاهل أن بن غفير ينفذ عمليا القانون العنصري، قانون “يهودية الدولة”، الذي يحصر حق تقرير المصير على أرض فلسطين كلها بالشعب اليهودي، ويعتبر الفلسطينيين مجرد سكان وليسوا مواطنين. وهو امتداد لمؤسس دولة إسرائيل ديفيد بن غوريون الذي نفذ أبشع سياسة تطهير عرقي في القرن العشرين خلال حرب 1948.

بن غفير ليس نبتة شيطانية في بيئة إسرائيلية ديمقراطية صحية، إنه الممثل الأكثر وضوحا لجوهر الصهيونية العنصري، وهو الجوهر الذي لا يرى في الفلسطيني سوى مشروع للتهجير والطرد. والمشكلة بالرواية الإسرائيلية الرسمية أنها تتجاهل أنها هي من أعطى الشرعية لهذه المجموعات الفاشية وأصبحوا أعضاء في الكنيست الإسرائيلي ويتمتعون بحصانة وحماية كاملة. لماذا تتهم إسرائيل فاشيي أوروبا بمعاداة السامية، وتطالب الدول بسحب الشرعية عنهم في حين يأخذ فاشيوها ناشرو الحقد والكراهية في إسرائيل الشرعية، وحرية الحركة والحماية؟

والرواية الإسرائيلية الرسمية تنحي جانبا أن بن غفير هو رفيق إيغال أمير، الذي اغتال إسحاق رابين؛ لأنه وقع اتفاق اوسلو، فهو بنفسه وثق تهديده لرابين عام 1985، عندما كان له من العمر 19 عاما وصور نفسه وهو يقوم بخلع رقم سيارة رابين ويصرخ “نستطيع بعد اليوم الوصول إليك”، رفيق إيغال أمير هو عضو كنيست اليوم ويتمتع بالشرعية والحصانة، ولماذا الاستغراب عندما يكون المستوطن بينيت رئيسا لحكومة إسرائيل، إن بن غفير ليس مجموعة متطرفة معزولة، إنه يمثل كل هذه الطبقة السياسية الإسرائيلية العنصرية.

في بريطانيا، قبل أيام، رفضت الجالية اليهودية استقبال رفيق بن غفير سموتريتش وطالبت الحكومة البريطانية بعدم السماح له بدخول بريطانيا، تصرف الجالية ليس كله من منطلق أخلاقي، بل لأنها لو استقبلت هذا الفاشي العنصري ستصبح في وضع لا يمكنها بسهولة إلصاق تهمة معاداة السامية بكل من ينتقد إسرائيل والاحتلال الإسرائيلي. وسموتريتش وبن غفير من الصهيونية الدينية كانا مع بينيت يجمعهم “البيت اليهودي”. إذن هم ليسوا مجموعة أو ظاهرة معزولة.

ما يحدث في الشيخ جراح هو تلخيص لجوهر الصراع، هناك شعب فلسطيني صامد ويقاوم عملية اقتلاعه، مقابل الفاشية الصهيونية. وإن سر قوة عائلة سالم الفلسطينية الأبية، والأسر الفلسطينية الأخرى الصامدة في حي الشيخ جراح أنهم أصحاب أرض فلسطين الحقيقيون، وسر قوتهم في صمودهم ومقاومتهم السلمية، فهم نزعوا عن إسرائيل كل ذرائعها الزائفة، لذلك لجأت إسرائيل “الديمقراطية” لمن تصفهم بالمجموعات المتطرفة المعزولة التي تنشر الكراهية، تركت لذراعها القذر الأكثر فاشية أن يقوم بالمهمة القذرة.

علينا نحن الفلسطينيين أن نقلق من موجة التصعيد الإسرائيلية الأخيرة من السيلة الحارثية في جنين مرورا بنابلس وبيتا ووصولا إلى الشيخ جراح وصور باهر وسلوان والمسجد الأقصى المبارك، وبخصوص المسجد الاقصى هناك اليوم 42 تنظيما إسرائيليا فاشيا متطرفا جاهزون للانقضاض وينتظرون اللحظة والأوامر للسيطرة على المسجد ومحاولة فرض واقع مختلف فيه.

موجة التصعيد هذه قد يكون لها هدف هو فرض واقع جديد في الضفة، واقع يحاول السيطرة على معظم الضفة وتحويل التكتلات السكانية الفلسطينية الكبرى إلى كانتونات منفصلة بعضها عن بعض، واقع يحاول حسم معركة القدس ونزع هويتها الفلسطينية العربية عنها.

إن كلمة السر في إفشال مخطط التصعيد هذا، هي الوحدة والتضامن والتكامل والتكافل والصمود، هي في مقاومة فلسطينية شعبية سلمية منسقة بشكل جيد. لنأخذ من صمود عائلات الشيخ جراح نموذجا، لنلتحم معهم بقوة، ونقدم لهم كل أشكال الدعم.

الاخبار العاجلة