عام جديد والثورة مستمرّة

29 ديسمبر 2021آخر تحديث :
عام جديد والثورة مستمرّة
عام جديد والثورة مستمرّة

صوت الشباب 29-12-2021   الكاتب: عمر الغول  يوم الجمعة المقبل تقف شعوب الأرض على قمة جبل العام 2021 مودعة إياه بما حمله من هموم ومنغصات وإرباكات وانفراجات، وفي اللحظة ذاتها عند منتصف ليل الجمعة السبت تبدأ الساعات الأولى من فجر عام جديد تفتح أبوابه على خجل، وبشكل موارب والشعوب تتلمس طريقها إليه متأملة أن يكون عاما أكثر إنصافا وعدلا وإيجابية، وحاملا بشائر الأمل بتجاوز تداعيات وباء (كوفيد- 19)، وانتهاء دوامة الحروب والصراعات، وإغلاق نوافذ الحرب الباردة المتصاعدة بين الأقطاب الدولية والمتنافسة على كعكة النفوذ في العالم، وفتح الأفق لعالم أكثر تعاونا وتكاملا وتكافلا، عالم قائم على ترسيخ قواعد السلام والتسامح والعدالة الاجتماعية، عالم حر وخال من الأوبئة وتلوث المناخ، وديمقراطي بكل معايير الديمقراطية، عالم بلا حروب، وبلا استعمار، وبلا نهب ثروات شعوب العالم الثالث الفقيرة والمضطهدة، عالم بلا عنصرية وتمييز بسبب العرق أو الدين أو الجنس أو اللون.

لكن بين الحلم والواقع مسافة بعيدة، وبون شاسع، رغم أن أبواب العام الجديد ستفتح على خجل، إلا أن المقدمات التي تعيشها البشرية طيلة التاريخ المعاصر لا توحي بالاطمئنان، ولا تمنح الثقة واليقين بما يحمله العام القادم من إيجابيات، دون أن يعني ذلك فقدان الأمل ببعض التحولات الكيفية المساعدة في تجاوز عقد الصراع هنا أو هناك في العالم.

وإذا عدنا لتشخيص واقع الحال الفلسطيني، ورغم اليقين العميق ببؤس اللحظة الراهنة الناجمة عن وجود الاستعمار الإسرائيلي الوحشي، وبقاء الانقلاب والانقسام متسيدا على الأرض الفلسطينية، وغياب الأمل في التقدم نحو الحل السياسي الممكن والمقبول وفق قرارات الشرعية الدولية، وتعاظم الأزمات في الداخل الفلسطيني، وتعقيدات الوضع العربي والإقليمي والدولي، إلا أن الشعب الفلسطيني ينتزع لحظات الفرح والعيد من فم التغول الاستعماري الصهيوني، ومن لعنة الانقلاب الإخواني ابتهاجا بالعام الجديد، وبالذكرى الـ57 لانطلاقة الثورة، وكسرا لعتمة الليل المحيطة بالوطن والشعب، وفتح نافذة للأمل بعام أكثر إشراقا، وبضخ الآفاق الواعدة بتجاوز بعض الأزمات والإرباكات، واستنهاض همم الشعب وروح الثورة المتجددة والمستمرة مع عملية البناء لركائز الدولة الفلسطينية القائمة على الأرض، وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد، وتعميق روح المقاومة الشعبية في عروق الشعب، التي تنيرها الشموع في برقة وبيتا وبيت دجن وكفر قدوم وعصيرة ونعلين وبلعين والقدس العاصمة وأحيائها المختلفة وكل بقعة من أرض فلسطين العظيمة، ورفع الحصار الظالم عن قطاع غزة.

نعم، الشعب الفلسطيني يعي تماما حجم القيود الاستعمارية الوحشية المحيطة به، والأخطار المحدقة بمشروعه الوطني، ويدرك أن العالم خاصة الغرب الرأسمالي عموما والولايات المتحدة خصوصا لم يرتقِ لمستوى المسؤولية الأخلاقية والقانونية والسياسية لحل المسألة الفلسطينية، وإنصاف الشعب في الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير والمساواة، ووقف التغول الكولونيالي لدولة المشروع الصهيوني. ومع ذلك يصر على الاحتفال وإحياء ذكرى ثورته المجيدة، وتجديد إيقاد شعلتها، وتخليد شهدائه ورموزه الوطنية، والتأكيد على المضي قدما في الدفاع عن ثوابته وحقوقه السياسية الوطنية غير المنقوصة مهما كلف الثمن، ومصمم على طي صفحة الانقلاب الحمساوي، وإعادة الاعتبار للوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، ومواجهة الأزمات ضمن الإمكانيات المتاحة له، ومن خلال الضغط على القوى المختلفة للإسهام بدورها في التخفيف من معاناته وأزماته ذات الطابع الموضوعي المتعلقة تحديدا بانتهاكات وجرائم الحرب الإسرائيلية وغيرها من الانتهاكات للحقوق والمصالح الوطنية.

الشيء المؤكد، أن شعب المعجزات والحامل لراية السلام لا يقبل بالبقاء في دوامة الحزن والظلام، ومصمم على مشاركة شعوب الأرض قاطبة برسم لوحة الفرح والعيد برأس السنة الجديدة، لعل العام المقبل يحمل إنجازات ونجاحات وطنية ذات أهمية تكتيكية واستراتيجية على طريق كنس الاستعمار الصهيوني عن أرض دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية وفتح قوس الأمل بعودة اللاجئين إلى ديارهم التي شردوا وطردوا منها في سني النكبة 1948 وهزيمة حزيران 1967 ويتقدم صفوف الشعوب نحو آفاق التطور عبر مراكمة عملية البناء لتكريس المكانة اللائقة بالدولة القادمة شاء العدو الإسرائيلي أم أبى، سيدة على جزء من تراب فلسطين التاريخية، وتجسيد السلام الممكن والمقبول فلسطينيا وعربيا ودوليا.

وكل عام والشعب الفلسطيني وشعوب الأمة العربية والعالم أجمع بخير.

الاخبار العاجلة