واشنطن بوست تحذر من مخاطر الضم الإسرائيلي الأحادي للضفة الغربية

27 أبريل 2020آخر تحديث :
واشنطن بوست تحذر من مخاطر الضم الإسرائيلي الأحادي للضفة الغربية

ترجمة خاصة –  سلطت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية الضوء على محاولات إسرائيل لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية عبر تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة بالشراكة بين نتنياهو وغانتس، وقالت إن “المعطيات تشير إلى أن إسرائيل ذاهبة بالفعل نحو الضم في مطلع يوليو/حزيران، بحسب ما تم الاتفاق عليه بين القادة الإسرائيليين، لكن السؤال الكبير يتمحور الآن حول موقف ترامب الفعلي إزاء هذا الضم، لا سيما وأن واشنطن طالبات إسرائيل مرارا وتكرارا في السابق بعدم البدء بالضم قبل وجود اتفاق أمريكي – إسرائيلي كامل على فعل ذلك”. وبناء على هذا التحليل، عنون محرر واشنطن بوست تقريره بـ “ترامب يمتلك النفوذ الآن لتغيير هوية إسرائيل إلى الأبد”.

لكن الصحيفة اتجهت في تقريرها نحو التحذير من مخاطر الضم الأحادي، وقالت “إذا استمر الضم الإسرائيلي في المضي قدما دون اتفاق فلسطيني أو عربي، فإن الضم لن يؤدي إلى قتل خطة ترامب فحسب، بل سيجعل تسوية الدولتين مستحيلة”. وبهذا الاستنتاج، تعتقد الصحيفة أن الضم سيقتل خطة ترامب للسلام بذاتها؛ لأنها “تنص على إقامة دولة فلسطينية” في نهاية المطاف، وهو ما يتعارض مع طبيعة الضم ومعطياته على الأرض. وأضافت الصحيفة “إذا لم تكن هناك دولة فلسطين، ستصبح إسرائيل دولة ثنائية القومية وليست دولة يهودية، أو ستتبنى نظام فصل عنصري تتحكم فيه بحية ملايين الفلسطينيين دون منحهم أي حقوق سياسية مكتملة. هذه ليست وجهة نظر نشطاء متشددين يناضلون من أجل المقاطعة ضد إسرائيل، بل هذا رأي بعض أعضاء الكونغرس وخبراء السياسة الأكثر تأييدًا لإسرائيل في واشنطن”.

قرر القادة السياسيون الإسرائيليون الأسبوع المنصرم منح الرئيس ترامب السلطة لتدمير منظور حل الدولتين للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني مرة واحدة وإلى الأبد. وقد سارت الأمور الأسبوع المنصرم دون أن يلاحظها أحد تقريباً في واشنطن.

بعد ثلاثة انتخابات إسرائيلية غير حاسمة، اتفق نتنياهو مع خصمه الرئيسي غانتس يوم الاثنين الماضي على تشكيل حكومة مشتركة. وينص الاتفاق على أن التحالف سيركز حصرا على مكافحة الفيروس التاجي في الأشهر الستة الأولى. ولكن هناك استثناء واحد كبير: اعتبارًا من 1 يوليو، سيتم السماح لنتنياهو بالسعي إلى تصويت من قبل حكومته أو البرلمان على ضم أكثر من 30٪ من الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية، حيث يعيش أغلبية سكان الدولة الفلسطينية.

هنالك شرط واحد فقط: يجب على نتنياهو أن يفعل ذلك في “اتفاق كامل مع الولايات المتحدة”. وبعبارة أخرى، سيكون لدى ترامب السلطة في تقرير ما إذا كان بإمكان حليفه الإسرائيلي المضي قدما في التصويت الذي من المحتمل جدا أن يفوز به، وهذا سيغير إلى الأبد شخصية إسرائيل. كان هذا النص انتصارًا كبيرًا لنتنياهو، الذي وعد قبل الانتخابات الأخيرة في آذار/مارس بأنه سيواصل ضم جميع المستوطنات الإسرائيلية الـ 128 في الضفة الغربية، إلى جانب وادي الأردن على طول الحدود مع الأردن. من الناحية النظرية، فإن خطة السلام الأمريكية، التي نشرها ترامب في يناير المنصرم، تشرعن الاستيلاء على الأراضي. هذه هي الرؤية الأمريكية التي تدعو إلى إنشاء دولة فلسطينية ضعيفة على البقايا “المقطعة” من المنطقة.

ومن الناحية العملية، إذا استمر الضم الإسرائيلي في المضي قدما دون اتفاق فلسطيني أو عربي، فإن الضم لن يؤدي إلى قتل خطة ترامب فحسب، بل سيجعل تسوية الدولتين مستحيلة. وإذا لم تكن هناك دولة فلسطين، سيكون مصير إسرائيل أن تصبح دولة ثنائية القومية بدلاً من دولة يهودية، أو تتبنى نظام فصل عنصري تتحكم فيه إسرائيل بملايين الفلسطينيين دون امتلاك أي حقوق سياسية مكتملة. هذه ليست وجهة نظر نشطاء متشددين يناضلون من أجل المقاطعة، بل هذا رأي بعض أعضاء الكونغرس وخبراء السياسة الأكثر تأييدًا لإسرائيل في واشنطن.

وقد كان بيان “منتدى السياسة الإسرائيلية” الوسطي، الذي صدر الأسبوع المنصرم، نموذجيا في هذا الشأن. هذا البيان رحب بالحكومة لإسرائيلية الجديدة، لكنه حثها على الاستجابة “لتحذيرات الضم أحادي الجانب، التي جاءت على لسان خبراء الأمن الإسرائيليين، والكونجرس الأمريكي، والاتحاد الأوروبي، وخبراء السياسة الخارجية، والقادة اليهود الأمريكيون”. لكن نتنياهو لا يصغي لتلك التحذيرات. وبحسب ديفيد ماكوفسكي، المحلل السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، والباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، فإن نتنياهو يرى “فرصة تاريخية لتحقيق أهداف إقليمية طويلة المدى”. وربما لهذا السبب وافق نتنياهو على الحكومة الجديدة. وبحسب ماكوفسكي، أصر ترامب على تاريخ 1 يوليو للبدء في الضم خشية من خسارة ترامب للانتخابات الرئاسية أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن الذي سيعارض الضم بالتأكيد.

فهل سيقدم ترامب الضوء الأخضر الذي يحتاجه نتنياهو؟ هناك الكثير من الأسباب التي تدعونا إلى افتراض ذلك. فقد سبق وأن منح ترامب الزعيم الإسرائيلي سلسلة من التنازلات غير المسبوقة، بما في ذلك الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، دون النظر إلى العواقب الجيوسياسية. كما أن الدافع وراء سلوكيات ترامب تجاه إسرائيل واضح جدا؛ فهو يرغب خلال هذه السنة الانتخابية بتحفيز المسيحيين الإنجيليين وأقلية اليهود الأمريكيين الذين يدعمون إسرائيل الكبرى.

ومع ذلك، ربما كان لدى غانتس بعض الأسباب في إصراره على أن يوافق نتنياهو على الحصول على “الاتفاق الكامل” مع الولايات المتحدة من أجل الضم. فقد كان نتنياهو على وشك المضي قدما في ضم المستوطنات في أوائل فبراير عندما تم منعه من قبل مستشار ترامب الكبير جاريد كوشنر، المؤلف الرئيسي لخطة السلام. وقال البيت الأبيض إن الضم يجب أن ينتظر الاتفاق الأمريكي – الإسرائيلي على خريطة الحدود الدقيقة قبل الضم. لا يدرك كوشنر بلا شك أن الضم من جانب واحد سيضيع الخطة التي عمل عليها لمدة ثلاث سنوات. ومن المرجح أن يسمع ترامب في الأسابيع المقبلة من الحلفاء العرب الرئيسيين – الأردن ومصر وربما المملكة العربية السعودية – الذين سيخبرونه بأن الإجراء سيحكم  “بالنهاية ” على التحالف بين إسرائيل والدول العربية الذي يأمل ترامب في تعزيزه.

يأمل الكثير من الأشخاص في الشرق الأوسط بأن يسمح ترامب لنتنياهو بإجراء جزئي – على سبيل المثال – بضم مستوطنات الضفة الغربية القريبة من حدود إسرائيل. وقد يشجعهم على ذلك تصريح مايك بومبيو الذي قال إن الضم كان “قرارًا إسرائيليًا”، لكنه أضاف “سنعمل معهم عن كثب لمشاركة وجهات نظرنا حول هذا  الأمر”. من المؤكد أن ترامب سيكون “بطل” إسرائيل. ولكن السؤال هو ما إذا كان سيبذل جهوداً لإنقاذ الدولة اليهودية من محاولة نتنياهو المتهورة لتحقيق “إرث” إقليمي.

الاخبار العاجلة