إسرائيل تتوقع وصول 200 ألف مهاجر يهودي.. ما العمل؟

5 مارس 2022آخر تحديث :
إسرائيل تتوقع وصول 200 ألف مهاجر يهودي.. ما العمل؟
إسرائيل تتوقع وصول 200 ألف مهاجر يهودي.. ما العمل؟

صوت الشباب 5-03-2022  باسم برهوم   سأبدأ بعنصرية إسرائيل وكيف تصرفت بتمييز سافر مع المهاجرين، لست أنا من يقول وإنما أنقل ما تداولته الصحافة والاعلام الإسرائيلي، حيث قالت: إن أي مهاجر أوكراني غير يهودي من بين الذين حضروا بالطائرات الى إسرائيل لن يسمح له بالنزول حتى لاستراحة قصيرة مؤقتة. أما الأخطر بالنسبة لشعبنا الفلسطيني، ما نقلته ذات وسائل الإعلام عن توقعات الحكومة الإسرائيلية باحتمال وصول 200 ألف مهاجر يهودي الى إسرائيل بسبب الحرب الأوكرانية.

العدد المشار إليه يفوق عدد اليهود الموجودين في أوكرانيا مما يؤكد ان يهودا آخرين من دول أخرى تتأثر مباشرة بالحرب سيأتون. وهذا العدد ان تحقق فإن إسرائيل ستكون أكبر المستفيدين من الحرب، فهي لم تستقبل مثل هذا الكم من المهاجرين منذ الحرب العالمية الثانية وما بعدها في الأربعينيات (120 ألف مهاجر يهودي)، ومنذ موجة هجرة اليهود من الاتحاد السوفييتي خلال ذروة الحرب الباردة في سبعينيات القرن العشرين (163 ألف مهاجر يهودي) وبعد تفككه في التسعينيات. ولكي نلمس الخطر فإن رقم 200 ألف مهاجر يعادل سكان محافظة رام الله والبيرة، والمقصود عدد سكان المدينتين وقراهما.

في مقال سابق، تناولت مخاطر انعكاسات الأزمة الأوكرانية، إذا ما تحولت إلى حرب على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، واليوم أصبحنا نعيش هذه الحرب، وهاهي الانعكاسات بدأت بالظهور، فالسؤال الآن: ما العمل؟ ماذا يمكن أن نقوم به لمواجهة هذا التطور؟

اولى الخطوات هو أن نقوم بحملة واسعة تمنع أن يتم توطين هؤلاء المهاجرين في اراضي الدولة الفلسطينية، في المستوطنات التي يعتبرها القانون الدولي غير شرعية، وان وجودها انتهاك للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

دولة فلسطين يمكن ان تستقبل- ولدواعي انسانية- عددا من المهاجرين الأوكرانيين وغيرهم لفترة محددة ولكن بموافقتها والتنسيق معها وليس في المستوطنات، وإنما في المدن الفلسطينية، ولا ننسى أن شعبنا الفلسطيني قد اكتوى بنار الهجرة والتشريد، بل أكثر من اكتوى من سياسة التطهير العرقي خلال حرب 1948.

لا يمكن القبول ان يدفع شعبنا الفلسطيني مرة أخرى ثمن تاريخ ليس تاريخه وثمن حروب وصراعات أوروبية على النفوذ. وربما في هذا السياق نكون بحاجة الى الحصول على قرار جديد من مجلس الأمن يؤكد مجددا عدم شرعية الاستيطان ورفض أي مسعى إسرائيلي لإسكان المهاحرين فيها. لماذ نحن بحاجة لمثل هذا القرار؟ لكي يكون لمقاومتنا السلمية ضد جلب أي مهاجر يهودي الى المستوطنات في الضفة والقدس شرعية وتغطية دولية كاملة، نحن على استعداد لفتح بيوتنا لاستقبال أي مهاجر ولكن ليس كاحتلال وفرض واقع بالقوة تحت ستار كاذب من “الانسانية”.

بيوت شعبنا الفلسطيني في الوطن والخارج كلها مفتوحة لأي لاجئ ومشرد في العالم وللاجئين الأوكرانيين وغيرهم ومن دون أي تميز، حتى في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي يعاني سكانها من مأساة التشريد لأكثر من 75 عاما، ولكن ليس في سياق الاحتلال الاسرائيلي لأراضي دولة فلسطين. على العالم أن يثبت أن له معيارا واحدا للقياس وأن سياسة ازدواجية المعايير يجب ان تنتهي، وألا يكون شعبنا الفلسطيني ضحية كل الأزمات والحروب.

نحن نشعر بالمأساة الانسانية الحاصلة بفعل الحرب في أوكرانيا، ونحن هنا لسنا بصدد تحميل المسؤوليات، نحن ندرك ان هناك مشكلة إنسانية قد تتعمق وتكبر مع استمرار الحرب، ولكن لن نقبل بأن تكون هذه المأساة على حساب ارض الشعب الفلسطيني وحريته واستقلاله الوطني. فلسطين منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر وحتى نهاية القرن العشرين دفعت ثمن ست مواجات هجرة يهودية كبرى، جميعها نجمت عن الحروب والعنصرية في أوروبا، فهل سيدفع الفلسطيني ثمن موجة أخرى؟ الجواب على هذا السؤال يحتاج إلى سياسة نشطة وذكية تمنع أي محاولة لإدخال المهاجرين الجدد الى المستوطنات المقامة بطريقة غير شرعية في أراضي الدولة الفلسطينية.

الاخبار العاجلة