الرياضة والسياسة لا تنفصلان

7 مارس 2022آخر تحديث :
الرياضة والسياسة لا تنفصلان
الرياضة والسياسة لا تنفصلان

صوت الشباب 7-03-2022  الكاتب عمر الغول: قطاع واسع من الرأي العام العالمي كان يعتقد بعدم وجود رابط بين السياسة والرياضة، واعتبروا أن الرياضة شأن آخر لا صلة لها بالتناقضات السياسية بين الدول والشعوب، وروج لوجهة النظر هذه الإعلام الغربي الرأسمالي والإسرائيلي وذلك بهدف تحقيق أهداف سياسية محضة، وعلى سبيل المثال قامت الفيفا والبارالمبية الشتوية وغيرهما من المنابر الرياضية العالمية بالترويج لاعتبار الرياضة شأنا آخر، لا ترتبط بالسياسة وحساباتها، ولهذا قاموا عن سابق تصميم وإصرار أولا بالموافقة على إقامة مباريات عالمية في دول عربية أو إسلامية رافضة للتطبيع مع دولة الاستعمار الإسرائيلية وأدرجوا في برامجها بشكل متعمد، وعن سابق تصميم وإصرار مشاركة لاعبين من إسرائيل مع لاعبين عرب أو مسلمين رافضين للتطبيع المجاني لإحداث اختراق وتطبيع بطرق التفافية مع هذه الدول، ليس من خلال مشاركة اللاعبين فقط، وإنما برفع علم الدولة الاستعمارية في أراضي الدول، وعزف النشيد “القومي”، وهو ما يعني إقرارا بالتعامل معها، والسماح للاعبين والفرق والأندية والمدربين وجمهورهم بالسفر والدخول للبلاد، وهكذا تدريجيا يتم إدخالها في دوامة التطبيع المجاني، كما حصل في ماليزيا وإندونيسيا والكويت والسعودية والجزائر وغيرها من الدول التي رفضت من حيث المبدأ مشاركة وفود إسرائيلية على أراضيها، أو ملاقاتهم لاعبين أو فرقا من بلدان أخرى مع إسرائيليين.

وكان خلال العام الماضي العديد من أبطال أبناء الشعوب العربية والإسلامية رفضوا اللقاء والمباراة مع أي إسرائيلي. رغم أن البعض خسر دوره البطولي العالمي لقاء ذلك، وتم بقرار من الاتحادات العالمية حرمان أولئك الأبطال من الفرق واللاعبين من اللعب لعدد من السنوات. ومع ذلك ضحوا وتنازلوا عن مكاسبهم الشخصية دفاعا عن قناعاتهم الوطنية والقومية، وتضامنا مع شعبهم الفلسطيني الشقيق في كفاحه التحرري.

بعكس العديد من الدول العربية والإسلامية التي شرعت أبوابها للقيادات السياسية والاقتصادية والرياضية والثقافية الإسرائيلية، ورفعوا علم إسرائيل وعزفوا نشيدها “القومي” العنصري، الذي يستهدف كل إنسان عربي. ولكن هذا ليس عنوان ورسالة المقالة، لذا ليس أوان مناقشته.

ما أردت أن أتوقف أمامه هو العنصرية البغيضة التي تورطت فيها الهيئات الأممية الرياضية في الحرب الروسية الأوكرانية، وهي اللجنة البارالمبية، والفيفا وغيرها بما في ذلك الاتحاد الدولي للقطط، الذي فرض شروطا قاسية في التعامل مع القطط التي تربت في روسيا، وتلك التي تتبع لأشخاص روس، ووضعت فيتو على استيراد القطط من الاتحاد الروسي بدءا من يوم الثلاثاء الماضي الموافق مطلع آذار/ مارس الحالي.

ومع اشتعال نيران الحرب مباشرة وضعت اللجنة البارالمبية الشتوية شروطا على الفرق والرياضيين الروس والبيلاروس، أولا ألا يلعبوا تحت اسم بلادهم، ثانيا ألا يتم رفع علم بلادهم، ثالثا بعد 24 ساعة وتحديدا يوم الخميس الماضي الموافق 3/3 الحالي ألغت القرار آنف الذكر، واتخذت قرارا بمنع مشاركة الفرق واللاعبين الروس والبيلاروس في المباريات الأممية، كما نقلت الفيفا المباريات الرياضية الكروية المقررة في روسيا إلى بلدان أخرى.

وبررت اللجنة البارالمبية موقفها بعد تعرضها لانتقادات من قبل بعض الاتحادات، بأنها اتخذت قرار المنع “حفاظا على نزاهة الألعاب وسلامة جميع المشاركين”. وأضافت أن بعض الفرق وبعض الرياضيين هددوا “بعدم المشاركة ما يؤثر على نجاح الألعاب الأولمبية البارالمبية الشتوية في بكين 2022”. وتابع بيان اللجنة العنصري والمتناقض مع الحقائق بأن “الوضع في القرية الأولمبية للرياضيين يتدهور وتأمين حماية هؤلاء أصبح مستحيلا” مِن مَن؟ من البعبع الروسي والبيلاروسي؟

وعلى ضوء ذلك انقسمت الاتحادات العالمية في قضية التعامل مع الرياضيين والفرق والمنتخبات الروسية، ففي حين قرر الاتحادان الدولي والأوروبي لكرة القدم إقصاء منتخبها من كأس العالم 2022، وعدم السماح لمنتخباتها وأنديتها بالمشاركة في أي بطولة، وحذا حذوهما الاتحاد الدولي لألعاب القوى، قررت رابطتا المحترفين والمحترفات في كرة المضرب السماح لهم بالمشاركة. ولكن تحت علم محايد. كما تم تجريد روسيا من البطولات الرياضية على أراضيها، أبرزها في كرة المضرب وبطولة العالم للكرة الطائرة وجائزة روسيا الكبرى في الفورمولا واحد.

هذا هو الغرب الرأسمالي بقضه وقضيضه يميط اللثام عن وجهه العنصري القبيح، كما فعلوا في التمييز بين بني البشر الفارين من الحرب بين الأوكران والروس، بين أصحاب العيون الزرقاء والشعر الأشقر والملونين والسود، لجأوا لذات الفرز والفصل العنصري في حقل الرياضة، وهدفوا لقسمة وتفتيت الاتحادات والأندية الرياضية. وفي ذات الوقت كانوا هم ذاتهم ولليوم وللغد أيضا يرسلون ويفرضون على اللاعبين من أبناء الشعوب العربية والإسلامية مواجهة الإسرائيليين الاستعماريين لفرض التطبيع عليهم. كنت وكان معي الرأي العام العالمي سيتفهم أن تتخذ بعض الفرق أو الأشخاص الرياضيين من أوكرانيا أو المتضامنين معهم موقفا من المشاركة مع أندية روسية أو بيلاروسية، هذا مفهوم ومشروع. لكن هذا غير مشروع ولا مفهوم ولا مبرر من قبل الهيئات الدولية الرياضية، ولا يجوز لها ارتكاب مثل هذه الخطيئة وجريمة الفصل العنصري، والعمل على فصل الرياضة عن السياسة. لكن هيهات تحقيق ذلك، فالرياضة جزء لا يتجزأ من السياسة شاء من شاء وأبى من أبى.

وهم يعلمون أن هكذا قرار استهدف في الأساس أولا تخريب الدورة الشتوية في بكين، ولهذا الأمر ارتباط مباشر مع قرار الإدارة الأميركية، التي أعلنت عدم مشاركتها ومعها بعض الدول الأوروبية في الدورة الشتوية؛ ثانيا التشويش ويمكن أن تصل إلى التعطيل للمونديال الكروي في قطر 2022 من خلال اتخاذها هكذا قرار؛ ثالثا سيترتب على هذه القرارات انقسام عمودي وأفقي في الاتحادات الدولية الرياضية. وهو ما يحمل في طياته أبعادا أعمق على باقي مجالات الحياة بين أقطاب ودول العالم.

آمل أن تتدارك الهيئات الأولمبية والبارالمبية والاتحاد الدولي للقطط وغيرها من المؤسسات الأممية أخطار وتداعيات القرارات المجحفة بحق الرياضة والرياضيين في المجالات كافة نتاج السياسات التعسفية في حق الرياضة.

الاخبار العاجلة