السلطة الفلسطينية وأزمة كورونا – التحديات والإنجازات

23 أبريل 2020آخر تحديث :
السلطة الفلسطينية وأزمة كورونا – التحديات والإنجازات
السلطة الفلسطينية وأزمة كورونا – التحديات والإنجازات

بقلم: عبد الله عودة – معا

تعرضت فلسطين كغيرها من بقاع الأرض لفايروس كورونا، أو كما يطلق عليه الغربيون (covied 19) أي فايروس العام 2019م، حيث تم اكتشافه أول مرة في الصين، وبعدها انتشر كالسرطان في جسد العالم مسبباً العديد من الإصابات في شعوب العالم أجمع، وفي طريقها للقضاء عليه وصل هذا الوباء إلى بيت لحم مدينة السلام والمحبة، وأصابها في عمودها الفقري ومصدر رزقها الأول ألا وهو السياحة، حيث تم تشخيص أولى الإصابات في فلسطين في فندق الآينجل إثر مخالطتهم للوفد السياحي اليوناني.

هذا الوباء أو العدو الخفي الذي حصد مئات الأرواح بل آلاف الأرواح في شتى بقاع الأرض، كان له الأثر الكبير على السلطة الوطنية الفلسطينية، باعتبارها دولة فقيرة في الإمكانيات الطبية مقارنة مع غيرها من دول العالم الثالث؛ كونها تقبع تحت ظل الاحتلال الصهيوني، حيث أثر على موازين القوى السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية في المنطقة، دافعاً السلطة إلى اتخاذ إجراءات احترازية وسريعة لمكافحة انتشار الفايروس بين أبناء الشعب الفلسطيني.

وبمقارنة الحالات المكتشفة مع الدول النامية الأخرى، والداخل الفلسطيني المحتل نجد أن عدد الحالات المكتشفة في فلسطين والبالغ عددها إلى هذه اللحظة 314في مناطق الضفة الغربية و120حالات في القدس حالة مقبول إلى حد بعيد، مقارنة بتلك الدول التي كان التفشي فيها سريعا ، وأن مردَّ هذا كله يعود إلى العقول الواعية الحكيمة والتحرك السريع والمدروس للسلطة الفلسطينية، كما أن وعي الشعب كان له الأثر الأكبر في نجاعة هذه الإجراءات ونجاها في خفض معدلات الإصابة في صفوف الأفراد.

ومع ظهور أول حالات الإصابة بالمرض، صرح رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية في مؤتمر صحفي أعلن فيه عن مجموعة من الإجراءات التي قامت منظمة الصحة العالمية بنشرها مسبقاً، متبعاً في ذلك سياسة الصين في الحد من انتشار هذا الفايروس اللعين، فالاستفادة من التجارب دائماً ما يعد سلاحاً قوياً في مواجهة أي عدو من الأعداء، فما ظننا بعدو خفي يحاول العالم بأكمله السيطرة عليه، ويتنافس الجميع على إيجاد اللقاح، والظهور على أنه أقوى الدول، لكن يكمن جوهر القضية أن الإجراءات التي قامت السلطة الفلسطينية باتباعها في المنطقة لحصر الوباء والقضاء عليه، والتي تعاني أساساً من مرض الاحتلال، للتقليل من مخاطر هذا الوباء الاقتصادية والسياسية والصحية. فهل من الممكن العودة إلى الحياة الطبيعة؟ وهل ستكون هذه الإجراءات مرحلية أم سوف تمتد إلى المدى البعيد؟ كما هوا الحال في بعض الدول مع الأوبئة السابقة.

إن شحَّ الإمكانات الطبية والمالية لم يجعل السلطة تقف مكتوفةَ الأيدي، بل إنها سخرت كل إمكاناتها ووزاراتها بمجموعة من التدابير الهامة في سبيل الحد من انتشار هذا الوباء العالمي، منها تقسيم مناطق الـ67 وعزل القرى والمدن الموبوءة، وتجهيز فنادق ومشافي وأماكن أخرى للحجر الصحي، علاوة على ذلك فقد قامت السلطة بتوفير أكبر قدر من أجهزة التنفس والمعدات الطبية، إضافة إلى تسخير كل طواقمها الأمنية والطبية، بل وحاربت السلطة جبهة أخرى ألا وهي الجبهة الاقتصادية، التي تأثرت بشكل ملحوظ بعد الشلل الكبير الذي تسبب به الوباء، فعوضت أصحاب الدخل المحدود، وحاربت احتكار البضائع، وعملت على إغاثة الناس… وهم بذلك قد أنقذوا سفينة الفلسطينيين من الغرق بعد أن ثُقبت السفينة، ولم يكن هذا إلا بحكمة ربانها، الذين لم يألوا جهدا في سبيل النجاة.

وقد اتخذت السلطة الفلسطينية إجراءات متقدمة لمكافحة انتشار فيروس كورونا، حيث تقوم الحكومة ووزارة الصحة بإجراءات تفُوق ما هو موصى به دولياً، حيث سخروا كافة إمكانيات الدولة لمواجهة هذا الفيروس، فسرعة الاستجابة في القرارات التي اتبعتها السلطة الفلسطينية كان لها الأثر الكبير في التقليل من سرعة انتشار الفايروس، والتقليل من عدد الإصابات، لكن الإنجازات الذي تمكنت السلطة الفلسطينية من تحقيقها رغم عدم وجود ذلك في حسبانها، فقد قامت بتغيير النظرة السلبية لدى بعض أبناء الشعب الفلسطيني تجاه الحكومة، وبالأخص موظفي الأجهزة الأمنية ووزارة الصحة الفلسطينية، حيث قامت السلطة الفلسطينية بإعلان حالة الطوارئ ونشر عناصرها لمواجهة هذا العدو الشرس، من أجل الانتصار عليه وحماية أبناء شعبنا من الكارثة المحدقة، حيث كان الاستنفار لدى موظفي الصحة وموظفي الأجهزة الأمنية “الملاذ الأخير” الدور الأعظم للحد من انتشار الفايروس والسيطرة عليه رغم الإمكانات المتواضعة، حيث لو ترك الأمر للشعب لما ترك هذا العدو لا صغيراً ولا كبيراً ولا المختبئ في جوف أمه إلا وأصابه.

ولكن كان هناك هفوة في النظام أوجدها الاحتلال الإسرائيلي، وهي العمال الذين يعملون داخل الخط الأخضر مما ساعد في حمل هذا الفايروس اللعين إلى حضن الأمهات وداخل غرف الأطفال مما ساهم في ارتفاع أعداد المصابين بشكل ملحوظ واتساع بقعة انتشار الفايروس في مناطق الضفة الغربية، الأمر الذي أثقل على كاهل الحكومة وأثر على الموازنة الاقتصادية لديهم، مما وضع السلطة في موضع التقشف لفترة زمنية ربما تكون محدودة وربما لا !

الاخبار العاجلة