الصفقة المرفوضة

18 يناير 2022آخر تحديث :
الصفقة المرفوضة
الصفقة المرفوضة

صوت الشباب 18-01-2021   الكاتب: عمر الغول   بعد ادعاءات كاذبة وتسويف ومماطلة لسنوات، ومناورات غير مسبوقة للبقاء على كرسي الحكم، دفع أخيرا الملك الحاوي، بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق صديقا مشتركا له وللمستشار القضائي للحكومة كي يدخل على خط فتح أبواب المساومة بينهما على صفقة مقبولة تحول دون دخوله الزنزانة، ولا تصمه بالعار، وتحذف بعض الملفات من قضايا الفساد وخيانة الأمانة وفقا لما نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت”.

وتشير المعلومات إلى أن محامي نتنياهو والنيابة العامة عقدوا خمسة لقاءات حتى اللحظة لبلورة محددات المساومة المرفوضة مبدئيا من الرأي العام الإسرائيلي، حسب ما ورد في صحيفة “هآرتس”.

ورغم الادعاء بأن أسرة نتنياهو ترفض المساومة، إلا أن من يعرف رئيس الوزراء السابق، يدرك أن هذا الرفض شكل من أشكال الألاعيب الكاذبة، وحتى يبدو وكأن زعيم الليكود “رضخ” لخيار صديقه المشترك، وأنه استجاب للكذبة المتداولة، والقائلة، إن ذلك الصديق عرض الوساطة من باب الحرص على “الدولة” الإسرائيلية، وتخفيف الضرر نتاج استمرار جلسات المحاكمة، ليس سوى تخريج وسيناريو مفضوح وهزلي أكثر من اللازم؛ لأن الحقيقة عكس ذلك، كون نتنياهو أولا لم يهتم أبدا بمصالح الدول، وكل همه هو البقاء في كرسي الحكم، ولهذا راوغ وكذب وسوف وماطل، ونفى ألف مرة التهم المثبتة عليه في قضايا الفساد الثلاث 1000 و2000 و4000، وبالتالي لا أساس من الصحة لذريعة صديقهم المشترك، كما أن نتنياهو لا يخرج مليمترا واحدا عن طوع وقرار سارة، وعليه كذبة رفض الأسرة لا أساس لها من الصحة. كل ما في الأمر أن نتنياهو أراد النزول عن شجرة المناورة والأكاذيب لعقد صفقة مع المستشار القضائي للحكومة قبيل رحيله نهاية الشهر الحالي.

وتفيد المصادر ذات الصلة بالصفقة المرفوضة من الشارع الإسرائيلي حسب استطلاعات الرأي الخمسة، التي جرت خلال الأيام القليلة الماضية، أن نتنياهو وافق على الاعتراف بتهمتي الاحتيال وخيانة الأمانة في الملفين 1000 و4000، وألا يتهم بالرشوة في الملف 4000، وإسقاط الاتهامات في الملف 2000، وألا يوصم بالعار، وقبل الاستقالة من الكنيست، وأن تكون العقوبة خدمة الجمهور لمدة ثلاثة شهور.

من الواضح أن هناك رائحة عفنة تفوح من عملية المساومة بين نتنياهو ومندلبليت، رغم أن المستشار القضائي يحاول أن يوحي أنه متشدد نسبيا في مواقفه، أو بتعبير آخر لا يستطيع تقديم تنازلات لصديقه نتنياهو أكثر مما منحه. وأشار المغادر منصبه مع نهاية الشهر، إلى أنه لن يساوم على تثبيت “وصم نتنياهو بالعار”، وضرورة تنحيه وخروجه من الحياة السياسية لسبع سنوات، والسجن أو خدمة الجمهور لمدة ثلاثة شهور أو أكثر؛ لأن ملف الفساد السلطوي، الذي ارتكبه رئيس الوزراء السابق خطير، وعليه لا يملك إمكانية للتخفيف من استخدام مفهوم “وصمة العار” ضده.

مع ذلك نتنياهو وفريقه من المحامين وصديقهم المشترك يحاولون الضغط على مندلبليت حتى اللحظة الأخيرة من وجوده في موقعه كمستشار، وفي محاولة لكسب الوقت المتبقي لانتزاع تنازل جديد منه، أو لإضفاء جانب درامي على لعبة المساومة المشتركة، ولإخراجها بالشاكلة التي لا توحي بالتواطؤ مع ملك الفساد من قبل المستشار القضائي.

رغم أن الشارع الإسرائيلي تساوق مع رغبات ونزعات نتنياهو طيلة السنوات الماضية من حكمه، وحتى الآن يعتبره رجل الحكم المفضل، وهناك نسبة لا تقل عن 25% ما زالت تدعمه، وتنفي اتهامه بالفساد، مع أن شروط المساومة باتت منشورة في المنابر الإعلامية، ويعترف زعيمهم المفضل بخيانة الأمانة والاحتيال. بيد أن النسبة الأكبر من استطلاعات الرأي الإسرائيلية والتي بلغت 51% في أحدها، ترفض الصفقة، وتعتبرها بمثابة التفاف على القضاء، وتهريب نتنياهو من البوابة الخلفية للسجن؛ لأن الحكم بخدمة الجمهور لثلاثة أشهر، مزحة ثقيلة ومعيبة، على رجل تؤكد الاعترافات ضلوعه الواضح والخطير بالفساد. كما أن خروجه من الحياة السياسية، لا يعني استقالته من زعامة الليكود، مع أن أسنان تسع شخصيات ليكودية سنت لخلافته.

أضف إلى أن أركان حكومة بينيت/ لبيد تخشى الوصول لصفقة نتنياهو مندلبليت؛ لأن غيابه الشكلي عن المسرح السياسي يفتح الباب أمام إعادة خلط الأوراق بين كتل اليمين والليكود منزوع الدسم بلا نتنياهو، وبالتالي إمكانية بقائها (الحكومة) مشكوك فيها. إذن نحن أمام أيام قليلة وتتمظهر الصورة بأجلى صورها. والتي أيا كانت مخرجاتها، سيكون لها ما بعدها في المشهد الإسرائيلي.

الاخبار العاجلة