الصور النمطية المرتبطة بالنوع الاجتماعي تضرّ بالصحة

7 مارس 2022آخر تحديث :
الصور النمطية المرتبطة بالنوع الاجتماعي تضرّ بالصحة

صوت الشباب 7-03-2022  تطال الأفكار النمطية المرتبطة بالنوع الاجتماعي المجال الصحي أيضاً، فبينما تُقرَن السكتة القلبية مثلاً بالرجال، يُنظّر إلى الاكتئاب على أنه مرض يتعلق بالنساء، وقد تؤثر مثل هذه الأفكار التي لا تزال منتشرة على اللجوء إلى الرعاية الصحية ومعالجة الأمراض.

فبعدما شعرت إلينور كليغهورن بألم في ساقيها، لجأت إلى طبيب رجّح أنّها مصابة بالنقرس أو أنّ آلامها ناجمة عن الحمل، وقال لها “ربما لا يعدو الأمر كونه اضطراباً في هرموناتك”.

وتحمّلت إلينور الألم سبع سنوات كانت خلالها هي نفسها تشكك في طبيعة ما تشعر به، قبل أن تلجأ إلى قسم الطوارئ في أحد المستشفيات، حيث أكّد لها الأطباء كذلك أنّ آلامها مرتبطة بالطفل الذي أنجبته حديثاً، وتمثل أحد أمراض القلب التي تحدث بعد الولادة.

وبعد طول معاناة، شخّص أحد اختصاصيي أمراض الروماتيزم حالة إلينور بأنّها ناجمة عن مرض الذئبة.

واستناداً على تجربتها الخاصة، نشرت إلينور، وهي مؤرخة نسوية، كتاباً بعنوان “نساء مريضات: رحلة عبر الطب والخرافات في عالم من صنع الرجال” في حزيران/يونيو الفائت.

وروت المرأة البريطانية في الكتاب كيف أُسيء فهم صحة المرأة وتفسيرها عبر التاريخ.

وأكدت المتخصصة في بيولوجيا الأعصاب كاترين فيدال أن “ما يسمى طبيعة النساء، والصورة التي أقرنت بهنّ على أنّهنّ مخلوقات ضعيفات، طبعت طويلاً المجال الطبي”.

وأعدّت فيدال تقريراً للمجلس الأعلى للمساواة بين النساء والرجال في فرنسا نُشر العام الفائت وحمل عنوان “مراعاة الجنس والنوع لمعالجة أفضل: قضية صحة عامة”، يلقي الضوء على هذا الموضوع.

وشرحت فيدال في التقرير أنّ القواعد الاجتماعية المرتبطة بالذكور والإناث لدى المرضى قبل كل شيء، تؤثر على التعبير عن أعراض المرض وعلاقته بالجسم واللجوء إلى العلاجات المناسبة.

وقد تؤثر الأفكار النمطية المرتبطة بالنوع الاجتماعي لدى العاملين في مجال الرعاية الصحية على تفسير العلامات السريرية ومعالجة الأمراض. ويمثّل تصنيف الأمراض بـ”نسائية” و”ذكورية” خير دليل على ذلك.

والنساء في الواقع أكثر عرضة من الرجال للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، إذ تبلغ نسبة الوفيات جراء هذه الأمراض لدى النساء 56 في المئة مقابل 46 في المئة لدى الرجال. ورغم ذلك، لا تزال النوبة القلبية تشخّص بنسبة أقلّ لدى النساء لأنّها تُعتبر خطأً مرضاً يطال الرجال جراء الإجهاد في عملهم.

ولا تُؤخذ أمراض أخرى متعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية للمرأة في الاعتبار كثيراً. فلطالما شُخّص الانتباذ البطاني الرحمي المعترف به حديثاً بنسب ضئيلة لأنّه ينطوي على موضوع الدورة الشهرية الذي يعتبر من المحظورات.

وأسفت كاترين فيدال لكون هذا المرض “لم يُدرج في الدورة الثانية من دراسات الطب إلا عام 2020″، داعيةً إلى بذل جهد كبير لتدريب المتخصصين الصحيين على المواضيع المرتبطة بالنوع الاجتماعي.

ويرتبط التأخير في علاج الأمراض أو في تشخيصها بالنساء أنفسهنّ أحياناً.

وأظهر استطلاع أُجري في فرنسا أنّ النساء يتّصلن بأقسام الطوارئ متأخرات 15 دقيقة في المتوسط عن الوقت الذي يتّصل فيه الرجال، عند التعرض لنوبات قلبية، ما قد يرفع من خطر حدوث عواقب صحية أو يزيد احتمال الحدّ من فاعلية العلاج.

وقالت الطبيبة المتخصصة في أمراض القلب كلير مونييه-فييه إنّ النساء “يشعرن بقلق أقل حول صحّتهنّ، وغالباً ما تولين هذا الموضوع اهتماماً ثانوياً يأتي بعد الأسرة والعمل”.

وأثارت وفاة مئتي امرأة يومياً جراء أمراض مرتبطة بالقلب والأوعية الدموية قلق المسؤولة في مستشفى ليل الجامعي التي تقف وراء مشروع “باص القلب ” المتنقّل الهادف منذ انطلاقه في أيلول/سبتمبر إلى توفير تشخيص ونصائح وقائية للنساء المعرضات لخطر أمراض قلبية.

ورأت أن “التشخيص يتيح تجنّب المرض لدى ثماني حالات من كل عشر”.

وتختلف العلامات التحذيرية أحياناً في الواقع وتصبح خادعة أكثر عندما يتعلق الأمر بمرض لدى النساء، كالتعب المستمر مثلاً أو الاضطرابات في الجهاز الهضمي.

وأوضحت كلير مونييه-فييه أنّ “افتقار المتخصصين في المجال الصحي إلى الوعي الكافي قد يؤدي إلى حدوث خطأ تشخيصي”.

وأضافت “علينا أن نتوقف عن الاعتقاد بأنّ انهيار الرجل مؤشر على سكتة قلبية، وأنّ انهيار المرأة يمثّل وعكة صحية مبهمة ليس إلاّ”.

الاخبار العاجلة