القرار المستقل خط أحمر

4 أكتوبر 2023آخر تحديث :
القرار المستقل خط أحمر
القرار المستقل خط أحمر
القرار المستقل خط أحمر

الكاتب: د.عمر الغول – كانت ألمعية وفطنة وبراعة حركة فتح في انطلاقتها ترتكز على نقطتين مركزيتين: الأولى إطلاق الرصاصة الأولى للثورة الفلسطينية؛ الثانية إعلانها رفض الوصاية على القرار الوطني المستقل، والانعتاق من التبعية لهذا النظام أو ذاك، وعلى أرضية التكامل بين الوطني والقومي، أي دون القطيعة مع المجموعة الرسمية العربية، ارتباطا بواقع الحال الذي أنتجته اتفاقية سايكس بيكو 1916. ما أعطاها المساحة الواسعة من المرونة والسرعة في الحركة، وعدم الارتهان للقرار الرسمي العربي، الذي كانت له وعليه قيود إقليمية ودولية. فضلا عن أن إشعال الثورة المختمرة في أوساط شعوب الأمة العربية عموما، والشعب العربي الفلسطيني خصوصا كانت بحاجة ماسة لشرارة الانطلاق، وهو ما حصل. لأن مواصلة الوقوف على محطة الانتظار كانت ستفقد الشعب الفلسطيني تمثل الذات الوطنية المتمردة، والرافضة للنكبة وتداعياتها، وكونها اكتوت بنيران الوعود العربية، وانتظار لحظة التحرير، التي لن تأتي حتى الآن.

 

وعلى أهمية التعاون والتكامل مع الأشقاء العرب على المستويين الرسمي والشعبي في المسائل التكتيكية والاستراتيجية لتعزيز حماية الأمن القومي، وصيانة المصالح المشتركة، إلا أن ما تقدم، لا يسقط، أو يلغي، أو يهمش حق القيادات الوطنية في الإمساك بورقتها الخاصة ومحدداتها الوطنية، دون التناقض مع المصالح القومية. وبالتالي فإن مسألة الأهداف والثوابت الوطنية الفلسطينية يجب ويفترض أن تبقى في اليد الفلسطينية، وعدم التفريط بها، أو التنازل عنها لكائن من كان من الأشقاء، وبغض النظر عن اسمه ووزنه ومكانته.

حماية الورقة الوطنية من الاستثمار السياسي

مؤكد الثقة مهمة، والتكامل والتعاون مع الأشقاء ضروري، ولكن في السياسة حماية الورقة الوطنية من الاستثمار السياسي لهذا الطرف أو ذاك حاجة ماسة، وتعادل أهميتها وأولويتها كل التضحيات. وعليه فإن التمسك والتشبث بالقرار الوطني المستقل خط أحمر، لا مجال للمساومة عليه مهما كان الثمن. لأنه لا يباع، ومن يفرط به يفرط بالوطنية الفلسطينية. وأجزم أن الرئيس محمود عباس واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لحركة فتح لا يمكن أن تفرط بالقرار الوطني المستقل. ولإدراك الكل الوطني أن الأهداف والثوابت الوطنية، التي ناضل ويناضل من أجل تحقيقها الشعب الفلسطيني، ودفع أثمانا باهظة من التضحيات الجسام، هو وحده من يعرف أهميتها وقيمتها وأولويتها، لأنه هو بشكل أساسي (دون التقليل أو الانتقاص من تضحيات الأشقاء العرب في الحروب الرسمية) من دفع ويدفع أثمانها من الأرواح والدماء والأسرى، وذاق مرارة جرائم الحروب والمجازر الفاشية الصهيونية حتى اليوم وغد إلى أن تتحرر فلسطين.

الدفاع عن القرار والأهداف الوطنية

وفي سياق الدفاع عن القرار والأهداف الوطنية، فإن القيادة الفلسطينية، وهي تعيش تعقيدات الواقع الرسمي العربي، وتدرك أخطار ما يجري على الأرض العربية، وانعكاس تغير المعادلات والحسابات والأولويات بين الدول على قضية العرب المركزية، قضية فلسطين، تملي عليها الضرورة التأكيد للأنظمة العربية ومؤسسة الجامعة العربية وحتى منظمة التعاون الإسلامية، أن انخراط هذه الدولة أو تلك في عمليات التطبيع المجانية مع دولة إسرائيل اللقيطة لا يلزم القيادة الفلسطينية بشيء. لأنها ترفض من حيث المبدأ التطبيع المجاني، وتلتزم بأولويات ومحددات مبادرة السلام العربية، ولا تقبل بأية تغييرات من هنا أو هناك، وتلتزم أيضا بقرارات الشرعية الدولية وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، وعاصمة فلسطين القدس الشرقية، أيضا تتمسك بحق المساواة الكاملة لأبناء الشعب الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، ولن تتنازل عن حقوقهم، رغم استقلاليتهم النسبية.

رفض مبدأ الحل الاقتصادي

كما أن القيادة الفلسطينية لا تحتاج إلى مجرد تحريك المياه الراكدة في عملية التسوية، أو مساعدات اقتصادية ومالية لتحسين مستوى المعيشة، أي أنها ترفض من حيث المبدأ الحل الاقتصادي، والدولة المؤقتة، وأي دولة بلا ملامح أو دون حدود واضحة، وترفض التساوق مع أي جهة عربية أو إسلامية أو عالمية، فإما الانسحاب الإسرائيلي الكامل من أراضي دولة فلسطين عام 1967، واستقلال الدولة الناجز وبسيادة كاملة، وضمان عودة اللاجئين لديارهم وفقا للقرار 194، وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، ومن ثم التطبيع وفق المبادرة العربية للسلام 2002، أو مواصلة الكفاح التحرري حتى وصول الأهداف والثوابت الوطنية. لأن كل الحلول الترقيعية لا تساوي قيمة الحبر الذي تكتب به، وكون التجربة أثبتت برهانا واحدا، أنه كلما تقدم العرب نحو السلام خطوة، تطاولت إسرائيل على الشعب الفلسطيني، وأدارت الظهر لمصالح العرب، وستدفعهم أثمانا باهظة، وإن غدا لناظره قريب.

بالنتيجة القرار الوطني المستقل خط أحمر مرفوض التنازل عنه مهما كانت التضحيات، والصعوبات والإرباكات وجرائم الحرب الإسرائيلية.

 

الاخبار العاجلة