المدرسة الوطنية منارة هامة

10 أغسطس 2021آخر تحديث :
المدرسة الوطنية منارة هامة
المدرسة الوطنية منارة هامة

بقلم : عمر حلمي الغول  

ولدت فكرة تأسيس المدرسة الوطنية للإدارة قبل أعوام قليلة، وتحديدًا في آذار/ مارس 2014، وصادق عليها مجلس الوزراء في 12 أيار/ مايو 2015، وتوج ترسيمها الرئيس محمود عباس في 28 شباط/ فبراير 2016،  مع نشر القرار بشأنها في الجريدة الرسمية “الوقائع”. وباشرت العمل في المبنى المؤقت في حي أم الشرايط / رام الله بعد مصادقة مجلس الوزراء، حيث تم إفتتاحها رسميًا.
وفكرة المدرسة الوطنية للإدارة لم تكن شكلاً من أشكال “الشو” و”البروباغندا”، إنما جاءت نتاج حاجة وضرورة وطنية لتأهيل، وإعادة تأهيل الكوادر الوطنية بمستوياتها المختلفة العليا والوسطى والدنيا، وهذا ما تجلى في شعارها الناظم، الذي رفعته من البداية، وجاء مختصرًا ومكثفًا ومعبرًا “نبني الإنسان .. لنبني الوطن”، وهو ما يعكس الدور الريادي للقائمين عليها، والوظيفة الناظمة لمهمتهم الوطنية، وعطفًا على ذلك وضعت قيادة المدرسة أولوياتها، وهي:
أولاً: تمكين وتطوير الكوادر الوطنية في القطاع العام، وثانيًا في القطاع الخاص، وثالثًا في تعميق العلاقات الأخوية مع الأشقاء العرب، ورابعًا توسيع وتطوير الروابط المشتركة مع الأصدقاء في الإقليم والعالم.
وتمكنت المدرسة في زمن قياسي من أن تشكل منارة وطنية وعربية وعالمية، منذ بدأت العمل، وأسهم وسيسهم في تطوير دورها مع انتهاء بناء مبناها الجديد، في قرية أبو شخيدم شمال رام الله، الذي تشرفت قبل أسبوعين بزيارته بدعوة من الصديق موسى أبو زيد، رئيس ديوان الموظفين العام، وبوشر العمل به في الثالث عشر من نيسان/ إبريل الماضي (2021)، رغم أنه لم يتم حتى اللحظة الراهنة إفتتاحه رسميًا. والفضل في تدشين المدرسة يعود للتمويل الكريم من الحكومة الكورية، حيث تم تجهيز المبنى بالأثاث والمعدات والأجهزة المتطورة والمعاصرة، التي حاكت وتحاكي متطلبات روح العصر والتدريب وفق أحدث وأرقى الأنظمة التدريبية. ويحتوي المبنى التحفة العلمية على “14” قاعة تدريب مختلفة، وقاعة مؤتمرات تتسع لأكثر من “300” شخص، وكافتيريا، ومكتبة، بالإضافة لقسم خاص بالمنامة وبدرجات متفاوتة.    
وما استوقفني إضافة لأهمية الصرح العلمي، أن الصدفة في مباشرتها العمل تلازمت مع حلول الشهر الفضيل، شهر رمضان المبارك، ومع اشتعال شرارة هبة القدس الرمضانية، وهو ما يعكس التكافل بين بناء المدرسة كرافعة علمية إدارية متميزة للقطاعين العام والخاص، وكمنارة وجسر تواصل مع الأشقاء والأصدقاء، مع اشتداد الكفاح ضد التطهير العرقي الصهيوني وجرائم دولة إسرائيل المارقة والخارجة على القانون.
ورغم الفترة الزمنية القصيرة لشروع المدرسة بالعمل، بيد أنها تمكنت من تحقيق إنجازات هامة على نطاق التدريب للكفاءات الفلسطينية والعربية والدولية، تمثلت في: أولاً إتمام تدريب 1274 متدربًا من كافة المؤسسات الحكومية بمستوياتها العليا والوسطى والدنيا؛ ثانيًا تدريب وتأهيل  2401 موظفًا جديدًا من كافة المؤسسات العامة؛ ثالثاً تدريب 44 في حقل التدريب الأهلي/ جامعة فلسطين التقنية “خضوري”؛ رابعًا تدريب 163 متدربًا من المؤسسات الخاصة (بنك فلسطين وعشر شركات للتأمين)؛ خامسًا تدريب 40 متدربًا من 7 دول إفريقية و9 دول عربية؛ سادسًا تدريب 85 متدرباً من الأجهزة العسكرية والأمنية من رتبة رائد فما فوق.
وبفضل هذه الجهود والمثابرة في تأكيد الذات الوطنية تم تكريس دور قيادة المدرسة والمشرفين عليها في تبوأ العديد من المواقع في المؤسسات الدولية، حيث بات رئيس ديوان الموظفين العام عضوًا مؤسسًا في مجلس إدارة شبكة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لبحوث الإدارة العامة MINAPAR. كما تم انتخاب أبو زيد نائبًا لرئيس الرابطة الدولية لمدارس ومعاهد الإدارة حول العالمIASIA  للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شباط / فبراير 2020 في بروكسل، التي تضم 80 دولة و186 جامعة ومؤسسة من قارات العالم المختلفة.
باختصار شديد ودون إطالة اعتقد من خلال المشاهدة الحية للمدرسة، والاستماع للشرح حول الدور الوظيفي لها وللقائمين عليها جميعًا بأسماءهم وألقابهم ومواقعهم التسلسلية، ولما رأيته بأم العين من نشاط للمتدربين والمدربين، فإن المدرسة تعتبر واحة ومنارة عملية رائدة في فلسطين والمنطقة. وأرجو أن تحافظ وقيادتها على حضورها الريادي في حقل الإدارة لتساهم بقسطها في بناء الإنسان، وبناء الوطن ومؤسسات الدولة الفلسطينية وتعميد استقلالها وحريتها. نعم المدرسة نقطة ضوء وإشعاع معرفي في حقل من أهم الحقول، حقل الإدارة.

الاخبار العاجلة