الولايات المتحدة والعالم في مواجهة خطر الترامبية

4 مارس 2021آخر تحديث :
الولايات المتحدة والعالم في مواجهة خطر الترامبية
الولايات المتحدة والعالم في مواجهة خطر الترامبية

باسم برهوم

وصفت “بي بي سي” البريطانية ما يدور داخل الحزب الجمهوري الأميركي من صراع يهدد بالحرب الأهلية، وهناك بالفعل حرب مشتعلة بين تيار ترامب، الرئيس الأميركي السابق، وهو التيار اليميني المتطرف (ولهم أغلبية في قاعدة الحزب الانتخابية تصل إلى أكثر من 70 %) وبين التيار المحافظ المعتدل. وإذا حسم التيار الأول الحرب لصالحه، فمعنى ذلك أن الولايات المتحدة ستكون في وضع خطير تواجه به الترامبية، التي قد تقود هذا البلد (الأعظم) في العالم إلى حرب اهلية حقيقية.

ماذا تعني الترامبية ولماذا هي خطرة إلى هذا الحد؟

أعلن هذا التيار في السياسة الأميركية عن نفسه مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض عام 2016, وهو تيار يميني متطرف عنصري، تيار شعبوي على شاكلة التيارات والأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، ويتشكل أساسا من البيض العنصريين الانعزاليين الساعين إلى إعادة عقارب الزمن في الولايات المتحدة إلى ما قبل الحقوق المدنية التي أقرت في نهاية ستينيات القرن العشرين، ومن المعروف أن مثل هذه التيارات تتغذى وتنمو على نظرية المؤامرة، وتتمحور عادة خلف زعيم يغذي النزعات العاطفية والغريزية لديها، ويدعي قوة متخيلة أكثر منها واقعية، وخطورة هذا التيار أنه مستعد لاستخدام العنف لتحقيق أهدافه والسيطرة على السلطة، وأنه يتحرك غريزيا من دون أية ضوابط باستثناء أوامر الزعيم، الذي بدوره يستخدم هذا الزخم العاطفي لمصلحة طموحاته الشخصية.

ويخوض ترامب هذه الأيام معركة إحكام سيطرته على الحزب الجمهوري، وهو إن نجح سيحول هذا الحزب إلى أول ظاهرة شعبوية في تاريخ الولايات المتحدة المعاصر، وأن هذا الحزب سينتهي كونه حزبا يمينيا تقليديا محافظا ملتزما بحذافير الدستور الأميركي، وملتزما بمؤسسة واشنطن التقليدية، وهي المؤسسة التي تناهضها الترامبية، وتناهض الإعلام الأميركي التقليدي والمعروف تاريخيا بالليبرالية في معظم الصحف والقنوات التلفزيونية، باستثناء “فوكس نيوز”.

إذا نجحت الترامبية في كسب معركة الحزب الجمهوري. فإنها ستتحول إلى وحش سيمزق وحدة المجتمع الأميركي في سياق محاولته الفوز في الانتخابات سواء تلك النصفية للكونغرس بعد أقل من عامين، أو الرئاسية عام 2024. إن خطر الترامبية لن يقتصر على الولايات المتحدة بل سيمتد ليشمل العالم، فهو سيكون متحمكا بأكبر قوة عسكرية واقتصادية في العالم، وبالتأكيد سيعزز من قوة شبيهاته من القوى الشعبوية، واليمينية العنصرية المتطرفة، أي إن العالم سيدخل حالة صراع بين القوى العقلانية المعتدلة التي تدعو إلى الانفتاح على الآخر، والقوي الانعزالية المتطرفة في كل بلد.

لهذا يجب أن تكون أعين الجميع على التطورات المتعلقة بالظاهرة الترامبية في أميركا، وأن يتكاتف عقلاء العالم من الآن لصد ومواجهة مثل هذه الظواهر المتطرفة. ولو نظرنا إلى ما يتعلق بنا نحن الشعب الفلسطيني فإننا سنلاحظ كيف يترقب اليمين الإسرائيلي المتطرف العنصري إمكانية تعزز الظاهرة الترامبية لينقض على ما تبقى من حقوق لشعبنا، وربما يمارس سياسة الترانسفير والتطهير العرقي للمواطنين الفلسطينيين داخل مناطق عام 1948, وفي الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.

من يستمع ويقرأ خطاب ترامب الأخير سيلمس مدى خطورة هذا الرجل وتياره، وبالنسبة لنا كم كانت السنوات الأربع التي أمضاها في البيت الابيض كابوسا، لأن أحد أهم أهدافه كان تصفية القضية الفلسطينية، وكاد ينجح لولا صمود الشعب الفلسطيني وقيادته.

الاخبار العاجلة