انعكاسات الأزمة الأوكرانيّة على القضية الفلسطينيّة

13 فبراير 2022آخر تحديث :
انعكاسات الأزمة الأوكرانيّة على القضية الفلسطينيّة
انعكاسات الأزمة الأوكرانيّة على القضية الفلسطينيّة

صوت الشباب 13-02-2022   الكاتب: باسم برهوم  مع تصاعد التوتر في أوكرانيا ويمكن أن تندلع الحرب في أية لحظة، وهناك احتمال لتوسع رقعة هذه الحرب في عدة اتجاهات، وحتى أن تتدحرج إلى حرب عالمية ثالثة، فإن من الضروري أن نفكر في تأثير وانعكاسات هذه الأزمة على القضية الفلسطينية. التاريخ علمنا أن كل أزمات وحروب أوروبا، خاصة منذ نهاية القرن التاسع عشر، قد أثرت عميقا على فلسطين والشعب الفلسطيني، فالمهاجرون اليهود الأوائل جاءوا من روسيا نتيجة الاضطهاد والمذابح التي لحقت بهم هناك، ثم جاءت الحرب العالمية الأولى وما نجم عنها من اتفاقية سايكس – بيكو، وهي الاتفاقية التي تقاسمت خلالها كل من بريطانيا وفرنسا الوطن العربي، بالإضافة إلى تصريح بلفور، وهو التصريح الذي تعهدت من خلاله بريطانيا بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وأخيرا هجرة مئات آلاف اليهود نتيجة الاضطهاد والمحرقة النازية “الهولوكوست” قبيل وخلال الحرب العالمية الثانية، ما أدى إلى إنشاء إسرائيل واختفاء فلسطين عن الخارطة وتشريد أهلها.

في إسرائيل يدور حديث عن تحضيرات لاستقبال عشرات آلاف اليهود من أوكرانيا في حال نشبت الحرب هناك. أما إذا توسعت الحرب أكثر لتشمل دولا أخرى فسيكون هناك المزيد من المهاحرين اليهود، وقد تلجأ إسرائيل إلى خطة “دالت” جديدة للتطهير العرقي وتهجير جزء من الشعب الفلسطيني. وفي أوكرانيا ما يقارب من 50 ألف يهودي ولهم امتداد قوي في إسرائيل وطقوس وتقاليد دينية تخصهم هم دون غيرهم من اليهود، والمقصود هنا حركة “الحاسياديم”.

والهجرة ليست التهديد الوحيد، فإذا ما اشتعلت الأزمة الأوكرانية حربا، فإن إسرائيل قد تستغل ذلك لتغيير الواقع على الأرض، خاصة في القدس، والمسجد الأقصى، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، وربما في داخل الخط الأخضر.

ومن الخبرة التاريخية فإن كل أزمة تندلع في أوروبا بحجم الأزمة الأوكرانية من شأنها تحويل الأنظار والانتباه عن الشرق الأوسط وما فيه من صراعات وأزمات وفي مقدمة ذلك القضية الفلسطينية، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وباستثناء الملف النووي الإيراني، والذي تراجع الاهتمام به إلى المرتبة الثانية بسبب الأزمة المشار إليها، فإن العالم ليس منشغلا بكل ما يجري في الشرق الأوسط من تطورات وأحداث؛ لأن الأزمة الأوكرانية قد تتحول إلى حرب إقليمية أوروبية كبرى أو حتى إلى حرب عالمية مدمرة ..!!!

وهناك مخاوف الصفقات التي قد تحصل في سياق هذه الأزمة، صفقات تبادل نفوذ ومصالح، جزء منها قد يشمل المنطقة عندنا وقد ينعكس على القضية الفلسطينية سلبا أو إيجابا، أي صفقة لن تنحصر في أوروبا وإنما قد تمتد إلى الشرق الأوسط بخصوص سوريا وإيران والوضع في ليبيا واليمن على وجه التحديد، خصوصا أن الاتحاد السوفييتي كانت له اليد الطولى في معظم هذه البلدان.

المشكلة في هذه الأزمة وغيرها من الأزمات أن الأمة العربية مفككة، وفيها دول أصبحت تصنف بأنها دول فاشلة، فقدرة العرب على الاستثمار في أي أزمة هي أمر بعيد الاحتمال في المدى المنظور، وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى ما قاله أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط إن الأمة العربية تمر في مرحلة خطرة ومعقدة. أما الوضع الفلسطيني فهو ليس بأفضل حالا في واقع وجود الانقسام، الذي بات متأصلا وأصبح من غير السهل إنهاؤه …!!!

السؤال هو كيف يمكن أن نواجه أية تداعيات للأزمة الأوكرانية يمكن أن تؤثر على القضية الفلسطينية؟

الجواب هو بضرورة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام الذي تتحمل حماس مسؤولية اتخاذ القرار بهذا الشأن أولا، ثم إن مسألة إنهاء الانقسام ثانيا تظل مسألة قرار سياسي تتحمل مسؤوليته القوى الفلسطينية جميعها، إضافة إلى تلك الأطراف العربية والإقليمية التي لعبت دورا في تغذية الانقسام وإطالة أمده. أي تهديد قادم محتمل لن يستثني أحدا والشعب الفلسطيني بكل مكوناته والقضية الفلسطينية هم المستهدفون.

والخبرة التاريخية علمتنا أن الصهيونية العالمية قادرة على اللعب على حبال الأزمات وتعرف كيف تستفيد منها لأكبر قدر. وإسرائيل والصهيونية اليوم على أهبة الاستعداد للعب أدوار أكبر في الأزمات، كما أن إسرائيل أصبحت من أكثر الدول تطورا في تكنولوجيا التجسس، وحتى العسكرية بشكل عام. هذا الواقع يفرض علينا أن نغير من قواعد عملنا وأن يكون هدفنا رص الصفوف والبحث عن حلفاء نشكل نحن وهم حالة وازنة تصمد أمام الأزمات والحروب الكبيرة.

الاخبار العاجلة