تعذيب الأطفال في السجون الإسرائيليّة

16 فبراير 2022آخر تحديث :
تعذيب الأطفال في السجون الإسرائيليّة
تعذيب الأطفال في السجون الإسرائيليّة

صوت الشباب 16-02-2022  الكاتب: هادي مرعي  الذي أفهمه أن الدكتاتوريات في العالم قد لا تذهب بعيدا في ملاحقة النساء والأطفال، وربما تستمر في ملاحقة المعارضين، ومن تشك بولائهم، لكن ما تقوم به إسرائيل هجين غريب من التسلط والدكتاتورية والعدوانية الكاملة، وعدم التمييز بين الرجل والمرأة، وبين الطفل الصغير والشاب، والرجل الكبير في تعاملها مع الفلسطينيين. فقد سجلت ذاكرة الشعب الفلسطيني أشكالا من التعذيب والتنكيل والتجويع والتعطيش، وحتى التبريد في الأيام المثلجة، وفتح النوافذ الواسعة ليمر الهواء شديد البرودة، بغرض نزع اعتراف، أو بغرض الإهانة والإيذاء والإقصاء، حيث يكبر الأطفال، ويشبون، ويصلون إلى مرحلة الرجولة داخل السجن كما حصل مع ثلاثة من الأطفال اعتقلوا عام 2002، حتى بلغوا هذا العام الحادية والعشرين من العمر وعاشوا حياتهم في زنازين سيئة وقذرة ومزرية وبائسة، بينما تروي الفتيات الصغيرات أشكالا من التعذيب والتنكيل حيث يعتقلن من مدارسهن، ويتم اقتيادهن إلى مراكز الاحتجاز، ويضربن ويجوعن، ويحرمن من لقاء العائلة، ويمنع عنهن الطعام والشراب والثياب، وحتى المنظفات ومعجون تنظيف الأسنان.

يبهرني ذلك البيت من الشعر الذي يصف حال الطفولة، والعدوان على براءة الصغار الذين يجبرون على المواجهة حين لا يجدون بدا من أن يكبروا، ويغادرو طفولتهم إلى رجولة مبكرة ليفعلوا أفعال الرجال، ويتكلموا بطريقتهم، ويعتادوا على كبرياء الفرسان، ويتركوا الدعة والطمأنينة إلى نوع التحدي في مواجهة غطرسة يرى أصحابها أنهم جديرون بها، وأن العالم كله صار تحت سطوتهم، وأن على الشعوب أن تستسلم لهم كما هو الحال مع أطفال فلسطين الذين نضجوا قبل أوان نضوجهم لأن قضيتهم لا تحتمل إلا عزيمة الرجال حتى لو استنفر صغارهم، وواجهوا الطبيعة التي عليها الجسد والروح والعقل وكبروا سنين إلى الأمام ليحملوا هما لم تستطع حمله الجبال.

يقول الشاعر في ذلك البيت:

ما هزه وحروف الله في فمه

إن الصغار لغير الموت قد خلقوا

لم يحتمل المحتل أن يواجه الطفولة كما ينبغي لأنه يستشعر الرفض من أولئك الصغار المتحدين الذين وقفوا في الشوارع رفضا للهمجية والعدوان، ومحاولة الاستيلاء على الحقوق، وقرروا مواجهة أحكام بالسجن والاحتجاز القسري، فحياة في ظل الاحتلال هي سجن كبير، بينما السجن الصغير تتوفر فيه عوامل وصول إلى الضمير أفضل، مع أنه ضمير عالمي غائب متجمد يرتجف من البرد، وينكمش وينحسر.

لكن كيف لمن يريد مصادرة كل شيء من أجل وهم البقاء والدوام أن يفهم معنى الطفولة والوجود الإنساني والغاية من الحياة خاصة حين يتسلح بمفاهيم مغلوطة وأفكار إقصائية، ونوايا عدوانية مبيتة تستسيغ فعل كل سوء من أجل غاية غير صالحة.

الاخبار العاجلة