رسالة للرفاق في الشعبية

31 يناير 2022آخر تحديث :
رسالة للرفاق في الشعبية
رسالة للرفاق في الشعبية

صوت الشباب 31-01-2022  الكاتب: عمر الغول سأتوجه مجددا للرفاق في الجبهة الشعبية لمناقشة ما حملته رسالتهم، التي نشروها أمس الأحد، من موقف غير إيجابي من عقد الدورة الـ31 للمجلس المركزي يوم الأحد المقبل الموافق 6 شباط/فبراير القادم، انطلاقا من الحرص على التاريخ المشترك الذي جمعني بالرفاق جميعا على مدار ثلاثة عقود، وغيرة على تجربة الرفاق الكفاحية ومكانتها الأساسية في منظمة التحرير، كفصيل ثان احتله بجدارة طيلة الـ54 عاما الماضية، فضلا عن تجربة حركة القوميين العرب منذ 71 عاما خلت، وأيضا وفاء للروابط الرفاقية سابقا وحاضرا مع العديد من رفاق النضال المشترك.

وبداية أود أن أؤكد، أنني لم أتفاجأ بموقف الرفاق في الشعبية؛ لأن تاريخ علاقتها بمنظمة التحرير تميز بعدم الاستقرار، والمقاطعة الدورية لدورات المجلسين الوطني والمركزي، وهي بالضرورة صاحبة وجهة نظر خاصة بها في قراءتها ومحاكاتها للتطورات الوطنية والعربية والإقليمية والدولية، والتي اتسمت بالتطرف والأقصوية (وأنا كنت من المدافعين عن هذا الخيار في عقود انتسابي لها. لكني في السنوات الأخيرة عشية مغادرتي لإطارها، ومع خروجي من صفوفها أعدت النظر في مواقفي الفكرية والسياسية، وتعافيت من تعاليم المدرسة السياسية التي تمثلها). ولكني أحترم مواقف رفاقي القدامى، من منطلق احترامي لقناعاتهم ووجهة نظرهم.

بيد أن احترام الرأي الآخر، لا يعني التسليم به، إنما مطلوب لإغناء وإثراء الحوار فتح أبواب النقاش في القضايا الخلافية على أرضية “أن الخلاف في الرأي، لا يفسد للود قضية”. وأعتقد أن الرفاق في الجبهة باتخاذ موقف المقاطعة لدورة المجلس المركزي الـ31 جانبوا الصواب، وكان الأجدر بهم أن يشاركوا ويدلوا بوجهة نظرهم بشكل كامل، ويدافعوا عن منهجهم السياسي، ويحاولوا التأثير في أعضاء الهيئة القيادية المركزية لما فيه المصلحة الوطنية العامة، إن كان لديهم ما يقنعون به الآخرين.

كما أن عقد الدورة أولا يستجيب للوائح والأسس التنظيمية الخاصة بالهيئة والمنظمة عموما. لا سيما وأن قيادة الشعبية تعلم أن الدورة الحالية تأخرت ثلاث سنوات، وهي لا تحتاج إلى توافق لعقدها، بل إن الضرورة التنظيمية تستدعي التئامها دون انتظار؛ ثانيا عدم عقدها يكرس سياسة الخطأ، ولا يصوب مسيرة المنظمة؛ ثالثا التئام الدورة لا يعطل الحوار الوطني الشامل، لا بل هي جزء أصيل من الحوار الوطني، ويمكن للشعبية أن تراكم عليه، وتستثمره في الدفاع عن وجهة نظرها؛ رابعا تفعيل المجلس المركزي حاجة ماسة للكل الفلسطيني، إن كانوا معنيين بتطوير عمل مؤسسات المنظمة؛ خامسا عقد الدورة الجديدة ترسيخ لمبدأ الديمقراطية، وليس العكس، وتلغي التفرد والاستئثار بالقرار؛ سادسا المجلس المركزي لا يشكل عقبة أمام إجراء الانتخابات، ولا يعيق عقد إطار الأمناء العامين للفصائل في حال استدعت الضرورة الوطنية ذلك؛ سابعا لكن إطار الأمناء العامين لا يمكن، وليس مقبولا أن يكون بديلا مؤقتا أو غير مؤقت عن الهيئات القيادية للمنظمة، إذا كنتم معنيين بتطوير مكانة المنظمة كمرجعية وطنية، فالضرورة تحتم التأكيد على دورها ومكانتها؛ ثامنا من يحاول الالتفاف على أطر الهيئات القيادية للمنظمة بعنوان إطار الأمناء العامين، هو من يريد الالتفاف على مكانة منظمة التحرير، وليس العكس؛ تاسعا من قال إن عقد الدورة يكرس الانقسام؟ أليس التساوق مع خيار الانقلاب، والركض في متاهة الانقلابيين هو التكريس للانقسام؟ لماذا تلوون عنق الحقيقة، وتعاندونها بإصرار، وتلجأون لسياسة إغماض العيون عن الصواب والمصلحة الوطنية، وتتذرعون بمواقف متناقضة مع منهجية الشعبية التاريخية في دفاعها عن الوطنية الفلسطينية؟ عاشرا من يرد الوحدة الوطنية فعليه أن يتجذر في بيت الوطنية الفلسطينية، وأن يتمترس، ويدافع عنها بكل ما يملك، وينتزعها من أية قوة تريد الانتقاص من مكانتها، ويحول دون تعريضها لحملات التشهير والتحريض والتخوين؛ حادي عشر ومن يرد الوحدة الوطنية مطلوب منه أن يكشف الحقيقة للجماهير، ويشير بإصبع الاتهام والإدانة لمن صنع الانقسام والانقلاب ويتخندق في خيار الإمارة، وينفذ الأجندات المتناقضة مع مصالح الشعب العليا؛ ثاني عشر من قال لكم إن من يريد الانضمام للمنظمة مطلوب منه أن يتخلى عن خلفياته الفكرية والسياسية؟ هذا كلام لا أساس له من الصحة. ولكن كما عشتم تجربة العمل الوحدوي في منظمة التحرير، تعرفون جيدا آلية عملها، فإن برنامجها يشكل قاسم مشترك جامعا للكل الوطني، ولا يبني البرنامج وفق مزاجية حركة فتح أو الشعبية أو الديمقراطية أو من يريد أن يلتحق كما حركتي الجهاد وحماس، وبالتالي على من يريد اكتساب عضوية المنظمة، الممثل الشرعي والوحيد عليه أن يشارك فيها على أساس برنامج الإجماع، لا على أساس برنامجه الخاص. لا برنامج حركة فتح، ولا برنامجكم، ولا برنامج حماس. وإنما استنادا لفلسفة الإجماع الوطني، التي تختلف معاييرها وضوابطها السياسية والتنظيمية عن الخطاب الفصائلي.

اكتفي بما ناقشت متمنيا على الرفاق في الشعبية مراجعة الذات قبل فوات الأوان، والفرصة متاحة أمامهم، وهم فصيل أساسي له كل الاحترام والتقدير في أوساط الكل الوطني. المهم أن يدركوا موقعهم ومكانهم المناسب، وأن يكفوا عن سياسة الحرد والمقاطعة غير المبررة للمنظمة وهيئاتها القيادية، ويحموا موقعهم في بيت الإجماع الوطني، منظمة التحرير.

الاخبار العاجلة