عواقب وتداعيات ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية

14 مايو 2020آخر تحديث :
عواقب وتداعيات ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية

ترجمة خاصة – صوت الشباب 14-5-2020 أفردت صحيفة لوموند الفرنسية  تقريرا سلطت فيه الضوء على الخطط الإسرائيلية الهادفة إلى ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية، بدعم صريح من الإدارة الأمريكية ومسؤوليها. وقالت الصحيفة إن هنالك عدد من السيناريوهات المحتملة التي ستظهر إلى السطح في اليوم الذي يلي خطوة الضم، تشمل :

“أعمال شغب أو حتى تفجيرات ضد إسرائيل، أو التهديد بحل السلطة الفلسطينية، أو إلغاء الاتفاقات بين الجانبين بشكل رسمي، أو حتى انهيار عمل بعض الأجهزة الفلسطينية التي اعتادت على السيطرة على الأحزاب صاحبة الأيدلوجيات العنيفة”.

بينما يدعو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو البيت الأبيض لإعلان السيادة على حوالي 30 % من مساحة الضفة الغربية الحالية، يكافح الفلسطينيون من أجل حشد المعارضة الدولية لخطة لضم. وبالطبع، يجتهد الفلسطينيون من أجل محاربة أية شكوك تحوم حول عدم قدرتهم على فعل ما هو مناسب لمواجهة الضم. العديد من الخبراء يتساءلون حول ردود الفعل على الضم. فعلى سبيل المثال، هل سيكون هناك عنف، أو ربما انتفاضة جديدة، كما حذر خصوم إسرائيل من خطط الضم؟ هل سيتم إلغاء اتفاقيات أوسلو للسلام عام 1993 وجميع الاتفاقات السابقة مع إسرائيل بالكامل، كما هدد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس؟ هل يشير هذا الضم إلى المسمار الأخير في نعش حل الدولتين للصراع؟ أم أن قرار إسرائيل سيمر بسلام، وسيستمر الوضع الراهن في الروتين اليومي لنحو 2.6 مليون فلسطيني يعيشون على أرض الواقع تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي منذ حرب الأيام الستة عام 1967؟

يعلم د. صائب عريقات أنه لا يمكن الاعتماد على موجة الاحتجاجات الدبلوماسية ضد الضم من قبل الحكومات العربية والأوروبية. كما أنه يدرك بأن كلمات القادة الأجانب في باريس والقاهرة والرياض لن تكون ذات فائدة كبيرة وأن الوقت ينفذ بالفعل. إسرائيل حددت يوم 1 يوليو/تموز موعدا لبدء التنفيذ، وهو ما دفع عريقات للقول “ما نقوله لهم هو أن نتنياهو سيتمكن من النجاة من تصريحات الإدانة، يجب أن يسمع نتنياهو بأن هنالك عواقب وخيمة وتداعيات على خطوة الضم”.

وبالإضافة إلى أعمال الشغب والتفجيرات الانتحارية التي ميزت الانتفاضات السابقة، يمكن أن تشمل هذه العواقب انهيار الشرطة الفلسطينية وأجهزة الامن الفلسطينية . وقد تشمل التداعيات كذلك الدعوة إلى حل السلطة الفلسطينية، وهذا يجعل إسرائيل مسؤولة عن جمع القمامة، وإدارة المدارس، والإدارة العامة للحياة المدنية في المدن الفلسطينية. هذا سيكلف إسرائيل حوالي 14.7 مليار دولار في السنة، بزيادة 10 ٪ في الإنفاق من قبل الحكومة الإسرائيلية في وقت يعاني فيه اقتصادها من صدمة من تأثير فيروس كورونا.

بالإضافة إلى ذلك، هنالك احتمال لوقوع اشتباكات إسرائيلية – فلسطينية قاتلة تبث على الشاشات حول العالم. إن أي تهديد محتمل في القدس الشرقية للمسجد الأقصى من المرجح أن يتسبب في اختيار البعض أن يغلق باب التقارب بين إسرائيل ودول الخليج العربي، في حين أن سنوات التعاون الحكومي والاتفاقيات التجارية باتت أقل سرية مع هذه الدول.

كما أن الضم من جانب واحد من شأنه أن يقوض معاهدة السلام المبرمة منذ 26 عاما مع الأردن، حيث غالبية السكان ذات جذور فلسطينية، وسيعقد التعاون الأمني مع المملكة الهاشمية. حيث كان قد حذر العاهل الأردني الملك عبد الله منذ شهور من أن ضم الضفة الغربية “سيكون له تأثير كبير على العلاقات الإسرائيلية الأردنية” دون الخوض في التفاصيل. بينما وجهت عمان بعض الضربات الدبلوماسية المحدودة ضد جارتها (إسرائيل)، لم يهدد الملك قط بقطع العلاقات الرسمية مع إسرائيل، مما يعكس حقيقة أن بلاده التي تواجه صعوبات مالية تتلقى 1.7 مليار دولار من المساعدات الأمريكية سنويا.

جامعة الدول العربية أدانت رسميا خطط ضم الضفة الغربية في 30 نيسان خلال اجتماع لوزراء خارجية دولها الأعضاء البالغ عددها 22 دولة، وقالت إن خطة نتنياهو “تمثل جريمة حرب جديدة” ضد الشعب الفلسطيني. أيضا ندد بالخطة 11 سفير أوروبي، واجتمعوا خلال مؤتمر عبر الفيديو لتحذير وزارة الخارجية الإسرائيلية من أن الضم سيكون انتهاكا للقانون الدولي، مع “عواقب وخيمة على الاستقرار الإقليمي وموقف إسرائيل في الساحة الدولية”.

وبرغم ردود الفعل هذه، لم تتراجع إسرائيل والحكومة الأمريكية. ففي الوقت الذي يواجه فيه نتنياهو محاكمة هذا الشهر بشأن ثلاثة أعمال متعلقة بالفساد، جعل نتنياهو بسط السيادة في الضفة الغربية محورا للحكومة الجديدة التي عمل على تأسيسها مع منافسه السياسي السابق بيني غانتس.

إذا نظرنا إلى كيفية تعامل العالم مع ضم إسرائيل الفعلي في عام 1981 لمرتفعات الجولان في جنوب سوريا، والتي تم احتلالها أيضا في حرب عام 1967، فإنه من غير المحتمل أن يؤدي التعزيز الحالي للمعارضة الدولية إلى إعاقة عمل مماثل في الضفة الغربية. وقد اعترف المفاوض الفلسطيني صائب عريقات بذلك بشكل أساسي. وقال رياض الخوري الخبير الاقتصادي ومستشار المخاطر السياسية في معهد “جيوإيكونوميكا” ومقره في عمان، “تراهن إسرائيل والبيت الأبيض على أن الفلسطينيين مرهقين ولن يكونوا قادرين على تعبئة الكثير من الحركة الشعبية لوقف قرار الضم”.

سواء حصل الفلسطينيون على شيء مهم في المقابل – نقدا أو عملة سياسية أخرى – للسماح لخطة نتنياهو في الضفة الغربية بالاستمرار مع الحد الأدنى من الصراع، سيظهر ترامب إذا كان بإمكانه أن يأمل في كسب بعض القيمة من صفقة السلام الضعيفة التي تبلغ قيمتها 50 مليار دولار. مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية في تشرين الثاني، فإن مأساة الضم في الأشهر المقبلة ستعطي صانعي السياسة صورة أوضح فيما إذا سيستمر الهدوء المشوب بالحذر أو الدخول في موجة جديدة من إراقة وسفك الدماء الإسرائيلية الفلسطينية.

المصدر لوموند الفرنسية
الاخبار العاجلة