لا شفاء من حب الجزائر وتونس

9 ديسمبر 2021آخر تحديث :
لا شفاء من حب الجزائر وتونس
لا شفاء من حب الجزائر وتونس

بقلم : فتحي البس   

اختار سيادة الرئيس محمود عباس أن يلبي دعوة رئيسي الجزائر وتونس لزيارة البلدين زيارة دولة، وهي الأعلى مستوى التي تتم بين قادة الدول ولها مراسمها الخاصة، وذلك قبيل انعقاد القمة العربية المقبلة في الجزائر في شهر آذار 2022، وجدول أعمالها الأساسي إصلاح الجامعة العربية، وتوحيد المواقف بعد تشظيها بسبب تباين مواقف الدول العربية من التطبيع مع دولة الاحتلال، وقضايا عربية بينية أخرى أهمها تلك ذات العلاقة بسوريا ولبنان واليمن وإيران.

في مقالة سابقة كتبت عن حبنا لتونس، واليوم سأخصص مقالتي للعلاقة الجزائرية الفلسطينية الضاربة جذورها في عمق التاريخ، فما أكده الرئيس الجزائري، وأثنى عليه سيادة الرئيس أبو مازن، من ثبات موقف الجزائر في دعم النضال الفلسطيني ما هو إلا تأكيد لارتباط عاطفي وسياسي بين الجزائريين والفلسطينيين.

عام 1954، اندلعت حرب تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي الذي دام لأكثر من 130 عاما لتنتهي بالانتصار والاستقلال عام 1962، فكانت ملهمة للشعب الفلسطيني، وموضع تأييد عارم، وأذكر أن مدرستنا في عقبة جبر نظمت رحلة جماعية لحضور فيلم جميلة بوحيرد في سينما هشام في أريحا، وكيف بكينا تعاطفا مع جميلة ومع ثوار الجزائر، ليصبح لاحقًا تقليد جميل، لا ندخل صفوفنا إلا بعد أن ننشد النشيد الوطني الجزائري، فتعلو أصواتنا

وتلتهب حناجرنا بترديد:
قـــسما بالنازلات الـماحقات     والـدماء الـزاكيات الطـــاهرات
والبــنود اللامعات الـخافقات     في الـجبال الشامخات الشاهقات
نحن ثــرنـا فحــياة أو مـمات     وعقدنا العزم أن تـحيا الجـزائر
فاشهدوا.. فاشهدوا.. فاشهدوا
وعندما نصل إلى نهاية النشيد:
قد مددنا لـك يا مـــجد يــــدًا        وعقدنا العزم أن تـحيا الجزائر 
فاشهدوا.. فاشهدوا.. فاشهدوا

نصفِّق بأيدينا ونخبط الأرض بأقدامنا بقوة لأننا في داخلنا كنا ننشد للجزائر ولفلسطين.

بادلتنا الجزائر حبا بحب، فاحتضنت أول مكتب ومعسكر تدريب لحركة فتح عام 1963، حيث قاد منه الشهيد خليل الوزير الترتيبات السياسية والعسكرية مع كثير من الدول، ولما تأسست منظمة التحرير الفلسطينية، تم افتتاح أول مكتب لها صيف عام 1965، واستقبلت كلية شرشال العسكرية أول دفعة لتخريج ضباط فلسطينيين، وبالمقابل، سهلت منظمة التحرير الفلسطينية إرسال ألفين وخمسمائة مدرس فلسطيني للمساهمة في تعريب التدريس بناء على طلب الحكومة الجزائرية، وإذا ما زار فلسطيني الجزائر، يحيطه الجزائريون برعاية لا نظير لها.

ومنذ تلك البدايات، داومت الجزائر على دعمها وبلا شروط لفلسطين ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية، سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، وفي الوقت الذي تتابع السقوط المدوي من العض بالهرولة غير المبررة للتطبيع مع دولة الاحتلال، أعلنت الجزائر بحزم رفضها لذلك، فكانت المفاجأة توقيع اتفاقية التطبيع المغربية التي توِّجت باتفاقية دفاع مشترك، تهدد الأمن العربي عموماً.

الجزائر كما أعلن مسؤولها، ستجعل من القضية الفلسطينية مركز الاهتمام في مؤتمر القمة، وستحاول إعادة رص الصفوف لدعم الدولة الفلسطينية.
لم نعوِّل تاريخيًا على القمم العربية، ولكن المواقف الداعمة والمساندة لها أثر معنوي كبير على شعبنا الذي يعاني من التخلي عنه من بعض الدول التي تذهب بعيدًا في التطبيع وتتمادى في شيطنة الفلسطينيين وتسهم بوعي أو بغير وعي في دعم وحشية الاحتلال واقتصاده على حساب شعبنا.
لن نشفى من حب الجزائر، قدوتنا في النضال حتى التحرر من استعمار دولة الاحتلال “إسرائيل”، كما لم نُشفَ من حب تونس.

المصدر: الحياة الجديدة

الاخبار العاجلة