ليس دفاعاً عن الأمن

10 يناير 2022آخر تحديث :
ليس دفاعاً عن الأمن

صوت الشباب 10-1-2022   نجحت السلطة الوطنية الفلسطينية في بناء مؤسسة أمنية محترفة إلى حد كبير، وامتدت جذور هذه المؤسسة إلى ممارسات وأعراف منظمة التحرير الفلسطينية حتى قبل إنشاء السلطة الوطنية في العام 1993، لاسيما تلك الخبرات المتراكمة في جهاز الرصد الثوري الذي أنشأه القائد الشهيد أبو إياد، أو حتى الفرق الثورية الطليعية التي شكلت تنظيم حركة فتح في الانتفاضة الأولى. بالمحصلة، فإن الخبرات المتراكمة والممارسات العملية لمختلف الأجهزة الأمنية الفلسطينية، خلقت مؤسسة أمنية فلسطينية طليعية وذات مكانة مرموقة ومحترمة بمستوى عالٍ على المستوى العربي والدولي ككل. وتمتعت الأجهزة الأمنية باحترام العديد من الدول نتيجةً لتمتعها بهذه الخبرات والمهنية العالية، خاصةً بعد النجاح اللافت لها في مكافحة الإرهاب الدولي وحماية الجاليات الفلسطينية في الخارج وتنفيذ البروتوكولات الأمنية الدولية كافة بتميز، ودعم العمليات الدبلوماسية في الخارج.

المفارقة الأساسية؛ هي أنه بالرغم من النجاح البارز للمؤسسة الأمنية الفلسطينية ونيلها التقدير والاحترام في الخارج، إلا أنها تعاني في هذه الأثناء من إشكاليات حقيقية في فرض الأمن والسلم الداخلي. ويعود السبب في ذلك لعدة عوامل؛ أهمها محاولات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة لإضعاف المؤسسة الأمنية الفلسطينية والحد من مناطق سيطرتها. كما أن الثقافة العشائرية والبنى الحزبية المعارضة تلعب دوراً سلبياً في إعاقة قيام الأجهزة الأمنية بمهمتها الأساسية وهي حفظ الأمن الداخلي.

في الواقع، إن العقيدة الأمنية للقطاع الأمني الفلسطيني تقوم على عدة منطلقات رئيسية أولها مقاومة الاحتلال، وثانيها تحقيق السلم المجتمعي، وثالثها حرمة الدم الفلسطيني. ورابعها الاحترافية. ووفقاً لهذه المنطلقات التي تبدو متناقضة المسارات في بعض الاستثناءات، فإن الكادر الأمني يسعى دائماً للمواءمة فيما بين هذه المنطلقات من أجل الوصول إلى “صيغة توافقية” للاستقرار الداخلي تراعي الخصوصية الفلسطينية.

اليوم، على الشعب الفلسطيني أن يُمكّن مؤسسته الأمنية، لأن هدف الأمن والاستقرار هو مصلحة وطنية جماعية وفردية للفلسطينيين أجمع. وفي السياق، فإن حماية المشروع الوطني والحد من الجرائم والقضاء على الميليشيا المسلحة واحتواء الفلتان الأمني تعتبر جميعها مصلحة وطنية لا يمكن تحقيقها إلا إذا تعززت الثقة بين الجمهور والمؤسسة الأمنية. وهذه الثقة تعتمد إلى حد كبير على المصلحة المشتركة وعلى وعي المواطنين من جهة، وتعتمد أيضاً على مهارات التواصل والاحترام لكادر المؤسسة الأمنية في التعامل مع الجمهور. وفي الوقت الذي توجد فيه بعض التجاوزات لبعض أفراد الأجهزة الأمنية إلا أن الحالة العامة للكادر الأمني تُعبّر عن درجة عالية من المهنية والانضباط. وحتى تقوم هذه الأجهزة الأمنية بواجبها الوطني، فإن سلاحها يجب أن يبقى هو السلاح الشرعي الوحيد في الوطن، ويجب أن تطبق هذه الأجهزة القانون على الجميع، مواطنين ومناطق، دون استثناء. وفي حال وجود أي تجاوزات من قبل بعض كوادرها الأمنية، فهي بالطبع ليست محصنة من المحاسبة، وهو الأمر الذي شهدناه في قضايا كثيرة سابقة. وفي النهاية، ليس دفاعاً عن الأمن أو مجاملةً له، أن ندعو إلى تخصيص يوم وطني لرجل الأمن الفلسطيني من أجل استذكار نضالات هذه المؤسسة في سبيل تحقيق الغايات الوطنية من جانب، ومن أجل تعزيز الثقة بين رجل الأمن والجمهور الفلسطيني من جانب آخر.

الاخبار العاجلة