مللنا التعاطف ونريد الأفعال سيدة إليوت

7 مارس 2022آخر تحديث :
مللنا التعاطف ونريد الأفعال سيدة إليوت
مللنا التعاطف ونريد الأفعال سيدة إليوت

صوت الشباب 7-03-2022  الكاتب د. رمزي عودة: ليست قضيتنا مختلفةً كثيراً عن الأزمة الأوكرانية، ولكنها حتماً مختلفةً كلياً في التعاطي الدولي والإعلامي معها. فحينما هجر نحو مليون لاجئ فلسطيني في عام 1948، لم تتحدث وسائل الإعلام عن مأساتنا كمتحضرين وأذكياء ومتعلمين، بل على العكس، لم تلتقط الصحف الغربية صوراً للجوء الفلسطيني سوى صور الأطفال دون ثياب، والخيم الممزقة، والأزقة الضيقة للمخيم. ولم نجد قرارات دولية تطالب إسرائيل بعودة اللاجئين الفلسطينيين سوى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (194)، والذي لم يطبق حتى الآن برغم اشتراطه للتنفيذ عند قبول إسرائيل كعضو في الأمم المتحدة. العالم أجمع حينها وقف يراقب ويتعاطف معنا، ولكن لا أحد من الدول الكبرى فرض عقوبات على إسرائيل لحملها على الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة ولا لتطبيق القرار 194. بالمقابل، فإننا نشهد الآن وفي خضم العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا أكبر حملة دولية لفرض العقوبات على روسيا على حد تعبير الرئيس الأميركي “بايدن”. العقوبات شملت كل التعاملات الاقتصادية والثقافية وحتى الرياضية في سابقة لم تعهدها المنظومة الدولية. وفي الواقع، لو فرضت 10% من هذه العقوبات على إسرائيل بعد احتلالها للأراضي الفلسطينية عام 1967 لانسحبت إسرائيل على الفور من هذه الأراضي. ولكن كأن حالةً أصابت المجتمع الغربي الذي يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، حالة أسميها “معاداة الفلسطنة”، فهم لا يقدمون الدعم لنضالنا ضد الاحتلال كما يفعلون في أوكرانيا، ويضعون العراقيل أمامنا للتوجه إلى المحاكم الدولية كما لا يفعلون في الأزمة الأوكرانية، ويصفون أسرانا ومناضلينا ومقاومتنا بالإرهاب؛ ويمجدون بالمقابل المقاومة الأوكرانية، ويتحدث إعلامهم بصدمة عن اللاجئين الأوكرانيين المتحضرين ذوي البشرة البيضاء، بينما أوقفت إدارة الرئيس الأميركي السابق “ترامب” دعمها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، بحجة أنه لم يعد هنالك لاجئون فلسطينيون!. أي تعامل هذا بمكيالين!

تقول النائب البريطانية عن حزب العمال، جولي إليوت، “إن ما يحدث في أوكرانيا هو مثل ما يحدث في الأراضي المحتلة بفلسطين”. وتتابع إليوت: “قلبي يخاطب الشعب الأوكراني. نحن بحق نتحدث عن القانون الدولي. في الحقيقة لقد استمعت إلى الوزيرة (أماندا ميلينغ) والأهمية الحيوية لسيادة الدول. لكن عندما يسمع الفلسطينيون ذلك – فكيف يجب أن يشعروا؟”. في الواقع، الإجابة واضحة سيدة إليوت. فنحن نشعر بالمرارة والعالم يكيل بمكيالين. نشعر بالحزن ولاجئونا حتى الآن لم يعودوا إلى ديارهم التي هجروا منها. نشعر بالأسى ولم تصدر أية عقوبات أممية على إسرائيل لحملها على الانسحاب من أراضينا المحتلة. نشعر بالعنصرية تجاهنا لأننا عرب فلسطينيون في مواجهة الفوقية الأوروبية والغربية في التعامل مع قضيتنا. نشعر أننا مهددون باللاسامية في الوقت الذي نقاوم فقط مشروع الاحتلال. سيدة إليوت شكراً لتعاطفك مع قضيتنا. ربما قضيتنا أبسط بكثير من الأزمة الأوكرانية، فهي أولاً وأخيراً قضية إقليمية وليست دولية. ومع هذا، فإننا منذ 74 عاماً لا نسمع إلا كلمات التعاطف مع قضيتنا من قبل الدول الكبرى. وفي الحقيقة، فقد مللنا التعاطف لأنه لم يضمن لنا الدولة ولا العودة ولا أي شيء.

الاخبار العاجلة