هآرتس : ماذا وراء اتفاقات السلام الموقعة في واشنطن؟

19 سبتمبر 2020آخر تحديث :
هآرتس : ماذا وراء اتفاقات السلام الموقعة في واشنطن؟
هآرتس : ماذا وراء اتفاقات السلام الموقعة في واشنطن؟

هارتس : بقلم: نوعا لنداو

كانت هناك مهمة غير سهلة تقف أمام من قاموا بصياغة الاتفاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين: في الماراثون الذي كان يسابق الزمن والذي استمر أقل من أسبوع كان يجب عليهم أن يصيغوا بالتنسيق مع الأمريكيين ثلاث وثائق مختلفة هي (“اتفاقات إبراهيم”، اتفاق سلام مع الامارات وإعلان سلام مع البحرين)، حيث لا يتم قول أي شيء فيها.

صياغة اتفاقات سلام هي معقدة جدا عندما يكون بين طرفين، ناهيك عن أن يكون بين أربعة أطراف. لذلك فإن الهدف الأسمى في صياغة هذه الوثائق في فترة قصيرة جدا هو الابتعاد عن أي مقولة تثير نقاشات وتحفظات لدى أي طرف من الأطراف. هدف آخر من وراء الكواليس كان أن هذه الاتفاقات ستشكل نوعا من الإطار الثابت حتى بالنسبة للدول الأخرى، في حال انضمت إلى مبادرة التطبيع مع إسرائيل. في ظل غياب تفصيل كبير سيكون بالإمكان نسخ هذه الصياغة لاحقا مثلما هي وهكذا.

النتيجة التي تم الحصول عليها في نهاية المطاف هي كومة إعلانات داعمة للسلام العالمي بالأسلوب المتبع بشكل عام في مسابقة ملكة الجمال “ميس يونفيرس”، التي أشرف عليها في السابق نفس الشخص الذي يقود الآن مبادرة السلام، رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب.

في البداية تم التوقيع من قبل جميع الأطراف على “اتفاقات ابراهيم”. هذه الوثيقة لا يوجد لها أي إلزام كاتفاق سلام بين الدول، بل الحديث يدور عن نوع من إعلان نوايا عام ورمزي لوصف الحدث في واشنطن.

“نحن الموقعون أدناه، ندرك أهمية الحفاظ على السلام وتعزيزه في الشرق الأوسط وفي أرجاء العالم، استنادا إلى فهم متبادل وتعايش واحترام الإنسان وحريته، بما في ذلك الحق الديني” – هكذا استغل البيان العام الذي حتى ملكات الجمال تعلمن في السابق كيف يضعن فيه مضمون أكثر عند فوزهن. بعد ذلك تتعهد فيه الأطراف بالدفع قدما بالحوار بين الاديان والتعاون والتسامح. هم يبدون “دعم للعلوم والفنون والطب والتجارة التي ستثير الإلهام في الإنسانية وستقرب بين الشعوب”. القول الوحيد الذي له أهمية فعلية هو ذكر التعهد بإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.

حتى إعلان السلام الذي وقع مع البحرين هو إعلان ضعيف في مضمونه بشكل متعمد، بعد أن تبين في اللحظة الأخيرة أنهم سينضمون للحدث في البيت الأبيض. كلمة سلام ذكرت هناك تسع مرات (كلمة ترامب أربع مرات). وباستثناء الكثير من الكلام عن مستقبل أفضل وعن الازدهار والأمن الاقليمي وحرية الأديان، فإن الكلمات الجوهرية جدا هناك هي الالتزام بعلاقات دبلوماسية كاملة وتعاون مدني سيتم تفصيله لاحقا. هذا الى جانب اعتراف ضبابي بـ “حقوق كل دولة في السيادة”، ايضا ذكر ضبابي للفلسطينيين، عن طريق دعم “استمرار الجهود من أجل التوصل إلى حل عادل وشامل وقابل للحياة للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني”. صياغة لينة أكثر من الحلوى في وجبة الغداء للزعماء بعد مراسيم الاحتفال – هذا لم يكن بالخطأ.

الاتفاق مع الإمارات، وهو اتفاق حقيقي الذي كان هناك وقت أكبر للاعداد له، هو اتفاق فيه مضمون أكثر ولكن ليس بدرجة كبيرة. بعد التأييد العام للسلام والاستقرار والأمن في الشرق الاوسط يظهر اعتراف بأن اليهود والعرب هم احفاد ابراهيم وتعهد آخر بالتعايش بين الاديان. بعد ذلك ذكر ايضا في الاتفاق الالتزام بـ “استمرار الجهود لتحقيق حل عادل وشامل وواقعي وقابل للحياة للنزاع بين اسرائيل والفلسطينيين” (كلمة واقعي لا تظهر في وثيقة البحرين). اضافة الى ذلك ذكر التزام على أساس اتفاق السلام مع مصر والاردن للدفع قدما بمفاوضات لحل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، الذي يأخذ في الحسبان “الاحتياجات والتطلعات المشروعة للشعبين”. بعد الاعلانات العامة هناك ملحق مفصل اكثر بقليل بخصوص التعاون المدني الذي تم التوصل اليه حتى الآن بمفاوضات بين الطرفين مثل الطيران المباشر وما اشبه – مضمون حتى اللحظة الاخيرة تم تجميعه من الوزارات المختلفة التي كانت مشاركة في الاتصالات مع الاماراتيين منذ الاعلان عن التطبيع.

ماذا كان لدينا حتى الآن في وثائق السلام؟ اقامة علاقات دبلوماسية، بما في ذلك تبادل السفراء والتعاون المدني، الى جانب الكثير من التطرق الى النزاع الديني بين الشعوب واعتراف متبادل بسيادة الدول. ولكن ما الذي لا يوجد؟ اعتراف صريح باسرائيل كدولة يهودية من جهة، وذكر مفصل لحل الدولتين من جهة اخرى.

مع ذلك، من الجدير الانتباه الى عدد من البنود في الاتفاق مع الامارات والتي تلزم الطرفين بصورة صريحة بالاستناد الى تعليمات الامم المتحدة والقانون الدولي مثلما هو متبع في اتفاقات من هذا النوع، التي تقدم ايضا لسكرتير عام الامم المتحدة، وهي تتضمن كما هو معروف عدد من المشكلات بالنسبة لاسرائيل في كل ما يتعلق باحتلالها للفلسطينيين.

في هذه الاثناء تطل على كل ذلك الخطابة التي توسطت لعقد اتفاقات السلام في واشنطن: ايران. دون الخوف من تطلعاتها الامبريالية، فان الطرفين لم يكونا ليرتبط أحدهما بالآخر. بقرصة غير لطيفة لاتفاقات ابراهيم، غرد أمس (الخميس) وزير الخارجية الايراني، محمد جواد ظريف، مقدما تهنئته للشعب اليهودي بمناسبة عيد رأس السنة. وأضاف بأن “أبناء آدم، ابراهيم وموسى، هم اخوة يستحقون العيش بسلام ديمقراطي حقيقي، وليس صفقة اقتصادية”. وهم يشاهدون الحلف الآخذ في التجسد بين اسرائيل والخليج امامهم، فانهم في طهران ينتظرون بصبر الانتخابات القريبة القادمة في الولايات المتحدة. ومثلما أن ترامب يعترف بأن التوجه هو نحو صفقة جديدة معهم – السؤال هو فقط أي صفقة. بهذا المعنى فان الحدث في واشنطن ليس فقط ولد بفضل ايران، بل ايضا استهدف التوضيح لها بأن هناك معارضة جدية ورسمية ضدها حتى لو تم استبدال الرئيس في البيت الابيض. والولايات المتحدة، كطرف في هذه الوثائق، ستكون ملزمة بذلك ايضا في هذه الحالة.

المصدر هارتس
الاخبار العاجلة