يزينون لنا الطريق إلى الهاوية

30 أغسطس 2021آخر تحديث :
يزينون لنا الطريق إلى الهاوية
يزينون لنا الطريق إلى الهاوية

بقلم : د. رائد موسى 

ينشط الاعلام الاسرائيلي ومنذ سنوات طويلة بمحاولات توجيه الرأي العام الفلسطيني تجاه ما يريده الإسرائيلي عن طريق بث العشرات من المقالات وتقارير معاهد دراسات ، التي تتناول الشأن الفلسطيني من الزاوية التي يريد توجيه الفلسطيني نحوها ، وهو مدرك بان الاعلام الفلسطيني يتلقف كل ما يبث عن الشأن الفلسطيني الداخلي ، وينشره كأخبار مهمة بالخط العريض ، ويتناولها الكثير من القُراء كأخبار ذات مصدر رصين وغير قابل للتشكيك وذلك بناء على نظرية “عقدة الخواجا” حيث يرى الكثير من العرب بان الأجنبي لا يكذب . وعلى ما سبق اذا تتبعنا النشاط الإعلامي الإسرائيلي الموجه للفلسطينيين وبمختلف ادواته نراه لا يحيد عن بث فكرتين بشكل ثابت ومستمر ومتكرر بهدف ترسيخهما في ذهن الفلسطيني على انهما حقائق وهما كالتالي: مشروع التسوية السياسية الذي تسير فيه منظمة التحرير الفلسطينية هو مشروع فاشل ومتناقض مع طموحات الشعب الفلسطيني ولن يؤدي الى شيء مفيد للشعب الفلسطيني ، وان السلطة الفلسطينية سلطة فاسدة متمسكة بتنسيق أمني مع اسرائيل لا يخدم تطلعات الشعب الفلسطيني . والفكرة الثانية: ان فصائل الـمـöـ.ـاومة المسلحة تمتلك ترسانة عسكرية ضخمة ومرعبة لإسرائيل وتشكل تهديد وجودي، وكما جاء في أحد تقارير اليوم والمنشور كخبر رئيسي في أحدى وكالات الاعلام الفلسطينية بان حركة حـ.ـסــاس باتت “تمثل اليوم القضية الفلسطينية بشكل حقيقي أكثر من السلطة”. !! هنا نعود لمناقشة الافكار بشكل واقعي وعملي ملموس التسوية السياسية التي تسير عليها منظمة التحرير نرى بوضوح بانها اقامت مؤسسات الدولة الفلسطينية على أرض فلسطين وقد ارتقت بالمجتمع الفلسطيني صحياً وتعليمياً وعمرانياً وصناعياً، وتجارة وزراعة وسياحة والاقتصاد وأمن وعلاقات دولية … ونجحت من خلال خطها السياسي بالارتقاء بمكانة الشعب الفلسطيني الدولية لدولة مراقب في الامم المتحدة مما فتح ذلك المجال لدولة فلسطين بالانضمام لمعظم المؤسسات والاتفاقات الدولية واهمها المحكمة الجنائية الدولية وما تسببه من أرق وتهديد بالمحاسبة أو الملاحقة لقادة الاحتلال ، بالإضافة لمكانة فلسطين في اليونسكو ومجلس حقوق الانسان التي جعلت اسرائيل تنسحب غاضبة من تلك المجالس الدولية المهمة في حفظ وصون الحقوق الفلسطينية والتي من اهمها فيما يتعلق بالقدس والمسجد الاقصى والحرم الابراهيمي ، حيث نجحت دولة فلسطين بانتزاع العشرات من القرارات التي تصون الحقوق من ابرزها قرار اليونسكو بانه ليس لليهود أي صلة بالمسجد الأöـصى ، بالإضافة لنجاح دولة فلسطين باستصدار القائمة السوداء للشركات العاملة في المستوطنات والتي وضعت قيود امام أي شركات تفكر بعدم مقاطعة الاستيطان ، وجعل منها من يقرر الانسحاب عن العمل في المستوطنات . وبالإضافة لما سبق من منجزات فالـمـöـ.ـاومة الشعبية لم تتوقف بل ترعاها منظمة التحرير من خلال هيئة مـöـاومة الجدار والاستيطان وتستمر منظمة التحرير برعاية أسر الشـהــداء والجرحى والاسرى وتعويض وأعمار كل ما يهدمه ويدمره الاحتلال بما يحافظ ذلك على جذوة الـمـöـ.ـاومة والنضال ضد الاحتلال مستمرة . اسرائيل تدرك جيدا بان الخط السياسي الذي تسير فيه منظمة التحرير بشكل ثابت وهادئ ومستمر سيؤدي بشكل حتمي الى اسقاط الاحتلال واستقلال دولة فلسطين بعاصمتها القدس، وسيجبر اسرائيل على القبول بحل عادل لقضية اللاجئين ، وبنفس الوقت مسار منظمة التحرير ان استمر الاحتلال بالتعنت امامه سيرسخ اسرائيل كنظام تمييز عنصري وحيد في العالم لن يقبله أحد مهما حاول استمالة بعض الانظمة للتعاون والتحالف معه ، وبوادر هذا الرفض بدأت تتجلى بوضوح في عقر دار الحليف الأول والراعي الأساسي لإسرائيل وهي الولايات المتحدة . الآن نعود للفكرة الثانية التي تمجد وتضخم من دور فصائل الـمـöـ.ـاومة المسلحة وعلى رأسها حركة حـ.ـסــاس وهنا نتسائل على أي أساس خلص التقرير لأن حـ.ـסــاس باتت “تمثل اليوم القضية الفلسطينية بشكل حقيقي أكثر من السلطة” ؟ ، ولماذا يحاول الاعلام الاسرائيلي ترسيخ تلك الفكرة في الرأي العام الفلسطيني ؟ مطالب حـ.ـסــاس وبنود تفاهماتها مع اسرائيل ليست سراً مخفي على أحد ، واليوم تتأزم العلاقة بين حـ.ـסــاس وحكومة الاحتلال الجديدة لأن الاخيرة ترفض العـ.ـودة لما كانت عليه الأمور بين حـ.ـסــاس وحكومة نتنياهو من تفاهمات تتعلق بضبط الأمن والتهدئة في غزة بمعنى وقف كل أشكال الـمـöـ.ـاومة من غزة سلمية ومسلحة مقابل دخول المنحة المالية القطرية بشكل مباشر لحـ.ـסــاس بالإضافة لتسهيلات تجارية واقتصادية لصالح سلطات حـ.ـסــاس في غزة . فهل هذا هو الذي يمثل القضية الفلسطينية بشكل حقيقي أكثر من مشروع منظمة التحرير الساعي لاستقلال الدولة الفلسطينية على كامل الأرض المحتلة عام 1967 بعاصمتها القدس الشريف مع حل عادل لقضية للاجئين !! لذلك من الواضح ان اسرائيل تسعى من خلال عملية بث اعلامي هادئة ومستمرة ، لجعلنا نحطم انفسنا بأيادينا ، فتشوه في عقولنا أي منجز حقيقي لنا على الأرض ، مقابل تزيين الطريق الذي لن يؤدي بنا الا الى العزل والحصار والتجاهل الدولي والدمار والدماء والتفتت والظلام والتهجير دون أي جدوى .

الاخبار العاجلة