لماذا اتفاق الامارات طعنة في الظهر

17 أغسطس 2020آخر تحديث :
لماذا اتفاق الامارات طعنة في الظهر
لماذا اتفاق الامارات طعنة في الظهر

باسم برهوم-الحياة الجديدة

لماذا اعتبرت القيادة الفلسطينية، ومعها الشعب الفلسطيني، القرار الاماراتي طعنة من الخلف، بالرغم ان العلاقات الفلسطينية – الإماراتية مقطوعة أو شبه مقطوعة منذ العام 2011؟ سأبدأ بالاجابة من التجربة الشخصية، فأنا كاتب عمود رأي في الصحيفة الرسمية الفلسطينية، كان لدينا خط أحمر وحيد، وهو ان لا نمس الاشقاء العرب بأي إساءة، أو أي نقد لاذع. فالأمة العربية هي أمتنا ونحن جزء أصيل منها ولا يمكن ان نكون مع أي طرف كان يقف ضد أي عربي، فكان شعارنا دائما انصر أخاك العربي ظالما أو مظلوما.

ترجمة هذا الموقف على الصعيد الرسمي الفلسطيني كان حاسما، سواء بعدم التدخل بشؤون الدول العربية الداخلية، أو ان تكون فلسطين الرسمية ضمن أي محور اقليمي، وكانت باستمرار الى جانب الاشقاء عندما كانوا يطلبون منها ذلك ضد أي طرف اقليمي أو دولي. بالرغم من عدم قناعتها بما يطلب منها أحيانا، كل هذا لأن الامة العربية والاشقاء العرب هم أولوية وخط أحمر.

مع دولة الامارات تحديداً وقفنا بحزم ضد احتلال ايران للجزر الثلاث، انطلاقا من مبدأ ثابت ألا وهو، رفض احتلال أي أرض عربية من قبل أي طرف كان. تماما كما نرفض احتلال اسرائيل لأرضنا العربية الفلسطينية. ومع الامارات كان الرئيس الراحل ياسر عرفات من أقرب الناس للشيخ زايد، وهذا الاخير كان رمزا قوميا في الدفاع ودعم القضية الفلسطينية وكل القضايا العربية، كان يمثل نوعاً من الضمير في الوطن العربي، وكنا نحن الفلسطينيين نقدر ذلك ونجله. المشكلة مع الامارات العربية بدأت ملامحها منذ العام 2005، عندما بدأت هذه الدولة الشقيقة بالانفتاح على اسرائيل وتبتعد تدريجياً عن تراث الشيخ زايد القومي العربي ونهجه الذي كان يرجح العمل العربي المشترك عن أي عمل أو تحالف آخر.

ولكن المشكلة أصبحت أكثر حدة عندما لم تكتف الامارات بالانفتاح والتطبيع مع إسرائيل، بل بدأت بالتدخل بالشؤون الداخلية الفلسطينية لما فيه المصلحة الاسرائيلية، ومن هنا بدأ الطعن من الخلف.

مع ذلك، التزمت القيادة الفلسطينية والتزم معها الشعب الفلسطيني بعدم تغذية أي توتر، كما حافظت على المبدأ الثابت في السياسة الفلسطينية هو الوقوف مع الشقيق العربي ظالما أو مظلوما. ولم تحاول حتى مغازلة المحور الايراني للضغط على الامارات ليس لمنعها من التدخل في الشأن الفلسطيني وحسب وإنما لتوقف انجرافها المتسارع نحو إسرائيل. وفي الاطار الأشمل والأوسع وقفت فلسطين مع السعودية ضد أي تهديد لأمنها والأمر ذاته من الشقيقة مصر ومع كل الدول العربية. لذلك هو طعن في الظهر الفلسطيني.

على أية حال فإن الظهر الفلسطيني بات يشبه الغربال لكثرة طعن بعض الحكام العرب له تاريخيا، ذاكرة الشعب الفلسطيني الجماعية سجلت تاريخاً طويلاً من التخاذل والخيانة والتواطؤ مع المشروع الصهيوني من قبل الحكام العرب. والذي كان إما بسبب العجز، أو بسبب الخوف، أو الرغبة بارضاء واشنطن والتقرب منها. مع كل ذلك بقي الشعب الفلسطيني قومياً عربياً حتى النخاع. وهو لا يزال كذلك، وبقي مدافعاً عن الأمن القومي العربي والحقوق العربية. وكان ولا يزال أكثر المتحمسين للوحدة العربية والتضامن والعمل العربي المشترك.

اليوم يشعر الشعب الفلسطيني انه طعن مرة أخرى في الظهر. خصوصا ان القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني رفضت أن تكون جزءا من أي محور عربي أو اقليمي، وبقيت منحازة لمفهوم التضامن العربي. يشعر الشعب الفلسطيني انه طعن من الخلف لأن دولة الامارات لن تكون الطرف المستفيد من الاتفاق، فالمستفيد ترامب ونتنياهو، انها ليست طعنة سياسية وحسب بل هي طعنة أخلاقية، لأن هذا الاتفاق يخدم أكثر اليمين الأكثر تطرفا وعنصرية في إسرائيل والولايات المتحدة الاميركية. انه ليس تطبيعاً انه سقوط وتبعية لهؤلاء العنصريين. لهذا المشروع الصهيوني الاستعماري البغيض، لذلك هو طعنة لئيمة في الظهر.

الاخبار العاجلة